كان صاحب مكتبة. . . في بيروت قد انتهب ديوان (الجداول) للشاعر المعروف الأستاذ إيليا أبو ماضي فطبعه وباعه وربح منه دون أن يرجع إلى صاحبه أو يستأذنه أو يرد عليه شيئاً من الربح، فعمد الشاعر إلى مقاضاته وعهد إلى أحد المحامين في بيروت يرفع دعوى عليه أمام المحاكم ولكن المحكمة ردت الدعوى لأن القانون لا يتضمن نصاً بشأنها ولكن الأستاذ الشاعر كلف محاميه باستئناف النظر في مقاضاة هذا السارق الجريء.
وكان أن عمد ناشر عراقي إلى هذا الصنيع عينه، فأخذ ديوان (الجداول) نفسه وطبعه طبعة ثانية وباع وربح منه دون أن يرجع إلى صاحبه أو يستأذنه أو يرد عليه شيئاً من الربح فعهد الشاعر إلى أحد المحامين في بغداد لمقاضاة هذا السارق الجديد. . .
ثم كان أن غنى الموسيقار المصري الأستاذ محمد عبد الوهاب مقطوعة في إحدى رواياته من شعر إيليا أبو ماضي دون أن يستأذنه أو يرجع إليه فغضب الشاعر أبو ماضي لهذا الغبن وأعلنها حملة شعواء في جريدته (السمير) التي يصدرها بنيويورك على لصوص الأدب والمنتهبين للآثار الفنية في غير تورع ولا رعاية للعرف والقانون والذوق، وقال إنه سيحاسب الموسيقار المصري ويقاضيه قانونياً على استثماره لشعره كما يحاسب صاحب مكتبة العرفان، إذ قد حان الوقت لوضع حد للصوص الأدب في كل مكان كما يقول.
وقد تناولت مجلة (كل شيء) البيروتية هذه القصة وأوردت طرفاً من فصولها نقلاً عن (السمير) ثم علقت عليها قائلة: (إن صاحب الجداول واحد من كثيرين يُغزون في عقر كتبهم كل وقت في العالم العربي، وليس من المعقول أن يكون للأشياء المادية حرمة وحصانة لا تتمتع بهما القضايا المعنوية ومسائل الفكر وليس من المعقول في شيء أن يحكم القاضي على سارق سطل الحليب بستة أشهر يقضيها في السجن ولا يجد في القانون ما يحكم به على سارق نتاج الفكر ومستثمره دون إذن صاحبه ورضاه. بل ليس من المنطق في شيء أن يحكم على سارق الكتاب كقطعة مادية من الورق بالسجن ولا يحكم على سارق الكتاب كقطعة معنوية من الفكر والرأي والبحث). . .
والواقع أن هذه السرقات التي نحن بصددها ليست بسرقات أدبية، فالسرقة الأدبية على ما