إن الأشعار الشرقية في جمالها وجوهرها تتشابه إلى حد عظيم، وقد حصل هذا التشابه نتيجة بعض العوامل التي أثرت في كل من الأشعار. فقد اصطبغ الأدب الشرقي بوجود هذه العوامل، وهي كثيرة، بلون خاص يميزه في أساسه عن الأدب الغربي تمييزا بينا. وينبغي أن نجعل رابطة الدين في مقدمة تلك العوامل.
لقد كان أثر الإسلام عظيما في الحياة الأدبية عند العرب. ونجد أن هذا الأثر قد امتد كذلك إلى الآداب الشرقية الأخرى. فأصبحت الآداب متأثر بعضها ببعض؛ فقد تأثر الأدب الفارسي بالأدب العربي وبالعكس، كما أن الأدب التركي تأثر بهما، حتى لأصبح الشاعر التركي في وقت من الأوقات يجيد اللغتين العربية والفارسية بقدر ما يجيد لغته الأصلية فينظم الأشعار. وقد خلف كثير من شعراء الترك دواوين كثيرة في الفارسية والعربية.
وكذلك كان حال الشعراء الفرس؛ فقد اصطبغ الشعر الفارسي بطابع الشعرين العربي والتركي. وهكذا قل عن الشعر الأردأ فإنه مزيج من عدة لغات إسلامية حية أهمها الفارسية والعربية والتركية وعليه فقد وجد، بسبب هذا الدين الحنيف، اتصال وثيق بين الأشعار الشرقية.
ولقد بلغ هذا التشابه درجة توحدت فيها قواعد الأوزان وكثير من الأسس الأخرى الموضوعة للمنظومات الشعرية في الشرق.
ومع ذلك كله فإن كلا من هذه الآداب يحتفظ بطابعها الخاص الذي يميزه عن غيره. فهنالك مظاهر قوية تميز الأشعار الشرقية بعضها عن البعض الآخر، وهي التي تستند عليها قواعد نظم الشعر من بعض الوجوه.
ويدور هذا المقال حول (الرديف) الذي يميز الشعريين التركي والفارسي وغيرهما من الأشعار عن الشعر العربي تمييزا واضحا.
والرديف في اللغة بمعنى الراكب خلف الراكب وكذلك الردف بكسر الفاء (المنجد). وقال الفيروز آبادي: الردف بالكسر الراكب خلف الراكب كالمرتدف والرديف. . وكل ما تبع