[رسالة الشعر]
مصطفى صادق الرافعي
للأستاذ فليكس فارس
تواريتَ في الملأ الأرفعِ ... فأنتَ هُناكَ وأنتَ معي
هتكتَ عن الروحِ سترَ الترا ... بِ وسترُ ترابي لم يُقشعِ
أماطَ القضا أحدَ البرقُعي ... نِ وما زلتُ أُدرج في برقعي
ورسمُكَ قد غارَ في ناظري ... وصوتُكَ قد غارَ في مسمَعي
فأَصبحتَ أَقربَ مني إلى ... قَرارِة نفسيَ في أضْلُعي
كأنكَ من قبلُ كنتَ الخيا ... لَ فصرتَ اليقينَ بما لا أَعي
أراكَ، فيا ويحَ مَنْ لا يرى ... حبيباً تولّى ولم يرجعِ
يسائل عنه طِباقَ الثرى ... وليسَ سوى الوهمِ في المضجعِ
أراكَ طليقاً كما كنتَ في ... حياتكَ في عيشِكَ الموجعِ
وما يأسرُ الدهرُ غير الأُلي ... يضلّون في العالمِ الأَخدَعِ
فَمن عاش عبداً بدنيائه ... سيُبعثُ عبداً على الَمطلعِ
ومَنْ لم يكن ههُنا أروعاً ... فليسَ هنالك بالأروعِ
عرفتك يا مصطفى مثلما ... أراكَ وقد جُزتَ للمصرعِ
عرفتك روحاً يدور بها ... من الدهرِ جيشُ الشقا المُفزعِ
وأنتَ تحدّى صروفَ الزما ... نِ وتهزأُ في حصنكِ الأمنعِ
وكيف تصيبك في مقتلٍ ... إذا لم يَكُنْ فيكَ من مطمعِ
غنمتَ من الأرضِ أرواحها ... وعفتَ التهاويلَ للمدّعى
إذا الروحُ نالت معاني الوجو ... دِ تخلّت عن الحرفِ والمقطعِ
وعايَنَتِ الحقَ نورَ الهدى ... بكلِ مُصَلٍّ على مركعِ
فقدناك يا مصطفى جامعاً ... شتيتَ بني العُربِ في الأربُعِ
فقدناك تهدي شعوباً مضت ... إلى القفر للمنبتِ المُمرعِ
بدا الآلُ يشعلُ سعَّارها ... فقُدتَ العطاشَ إلى المنبعِ