للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ٍفلسفة المعتزلة

للدكتور ألبير نصري نادر

إن المعتزلة يمثلون سلسلة من المفكرين المسلمين تبدأ بواصل ابن عطاء المتوفى سنة ١٣١هـ أي ٧٤٨م وتمتد إلى أبي هاشم بن الجبائي المتوفى سنة ٣٢١ هـ أي ٩٣٣م وهو أستاذ أبي الحسن الاشعري رأس الأشاعرة.

بعد الأبحاث التي قام بها الغربيون والشرقيون، وبعدما كُتب عن المعتزلة بقى أن نبين طريقتهم الفلسفية وأن نستخرج الأصول التي بنيت عليها. هذا ما حاولنا نفعله في الرسالة الكبرى التي تقدمنا بها إلى أساتذة جامعة السريون بباريس وعنوانها فلسفة المعتزلة.

الأصل الأول والعام لهذه الفرقة التي توصلنا إليه بعد كل ما طالعناه من مراجع، هو أن العقل البشري عندما يكتمل نضوجه يمكنه أن يتوصل إلى الحقائق الكبرى الأول وهي:

أولاً: أن وجود العالم يدل حتماً على وجود كائن أسمى متعال منح العالم هذا الوجود.

ثانياً: أن الإنسان يفعل حراً وهو مسئول عن أعماله محاسب عليه.

لذلك قسمنا الرسالة إلى قسمين كبيرين: أحدهما خاص بالتوحيد وما يتعلق به من مسألة الخلق، والآخر خاص بالحرية عند الإنسان وما يتوقف عليها.

في القسم الأول بينا أن المعتزلة لا تقول بأي مشابهة أو تمثيل بين الله والعالم من جهة، ومن جهة أخرى هم يقولون بالمذهب الوجودي، فلا نعرف عن الله سوى حقيقة واحدة هو أنه موجود، ولكن ماهيته لا يمكننا إدراكها لأنه غير متناه ونحن متناهون. ثم أن ماهيته هي علمه وقدرته وإرادته. وإذا ما تكلمنا عن صفاته تعالى فهذه الصفات لا توجد حقيقة بل هي اعتبارات ذهنية نلجأ إليها لضعف عقلنا. ونتيجة لمنع المشابهة بين الله والعالم المخلوق قالت المعتزلة إن الله لم يخلق ماهية العالم بل إنه وهب الوجود فقط لماهية كانت في حالة العدم. وحسب قولهم هذا يصبح المعدوم شيئاً وذاتاً وعيناً ينقصها الوجود فقط. وهذه نتيجة منطقية لقولهم بالمذهب الوجودي ومؤداه أن لكل فكرة مقابل في الحقيقة ففكرة المعدوم نقابلها حقيقة.

ذهبت المعتزلة إلى هذه النتيجة لأنهم كانوا يريدون أن يصونوا فكرة التوحيد من كل شرك ومن كل مذهب حلولي؛ وهو يفتخرون بأنهم أهل توحيد - وقولهم إن العالم لا يستمد

<<  <  ج:
ص:  >  >>