للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

بين الشبان والشيوخ:

مسالة الشيوخ والشبان في الأدب بمصر، مسالة قديمة ظهرت بوادرها منذ سنين، إذ هب بعض أدباء الشباب يعلنون أن الشيوخ يستأثرون بمجالات الأدب، ويتجاهلون الشبان، ويسدون عنهم الطرق؛ وقامت إذ ذاك معركة كان هجوم الشباب فيها عنيفا، ودفاع الشيوخ متثاقلا غير مكترث. . وسكن عجاجها، ولكن دواعيها وآثارها بقيت كامنة، تبدو في أحاديث المجالس وخاصة بين الشباب، وتحجم عن الظهور في كتابة منشورة، لأن فرقاً الشباب قد انطووا تحت ألوية الأدباء الكبار، وخاصة من رأوهم بحيث يقدمون ويؤخرون، وينفعون وقد يضرون. . . ومن الشباب من لم يستطيع أن يعلن ثورته، لأن المشرفين على النشر من الشيوخ لا يمكنون له، أما مجاملة، أو لأن ما يكتب يند عن اللقيان.

استقرت الحال على ذلك، ودامت الهدنة طيلة السنين الماضية، ولكنها الآن أعيدت جذعة. . . فمن آثارها؟ أهو الدكتور طه حسين بك في (هلال) يونية الماضي، أم الأستاذ سيد قطب في (العالم العربي) هذا الأسبوع؟

قال الدكتور طه في مقاله بالهلال: أن الشباب يقولون للشيوخ أفسحوا لنا الطريق إلى الأدب والعلم والفن، والشيوخ لا يصدون الشباب عن أدب أو علم أو فن، وتساءل: أليس من الممكن أن يكون ينفسه الشباب على الشيوخ إنما ما قد ينتجه الأدب والعلم والفن من إقبال الناس على الشيوخ اكثر مما يقبلون عن الشباب؟ وقال أن الشهرة لا تكسب ألا بالعمل الشاق، والمال يسعى إلى العاملين وهم اشد مما يكونون ابتذالا له واستهزاء به. والشيوخ في طريقه إلى الراحة الموقوتة أو الدائمة، والشباب في طريقهم إلى أن يأخذوا مكان الشيوخ، والذوق كل الذوق ألا يتعجل الأبناء مصارع الاباء، والخير كل الخير أن تقوم الصلات بين الأجيال على المودة والحب لا على التنافس الذي يحفظ القلوب ويفسد الضمائر.

مر هذا الكلام عابرا سالما أربعين يوماً، ولكن الأستاذ سيد قطب عده اعتداء على دولة الشباب، فأعلن بدء المعركة بين الشبان والشيوخ في العدد الأخير من مجلة العالم العربي، قال إنه يواجه الدكتور وسائر الشيوخ بالحقيقة التي يحسها الشبان ويرددونها في ندواتهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>