ومجامعهم: إن هذا الجيل من الشيوخ قد تخلى عن امانته، لا لذلك الجيل من الشبان فحسب، ولكن للوطن، وللمجتمع، وللإنسانية، وأخيراً للضمير الأدبي كله).
وبين هذا التخلي عن الأمانة بأن شيوخ الأدب لم يرعوا قضايا الوطن المعلقة في خلال الحرب الماضية، وإنما انصرفوا إلى الدعاية لقضية المستعمرين في الإذاعة والصحف والكتب ابتغاء الذهب، وإيثاراً للذائذ الخاصة على مصائر الأوطان ومصالح الأقوام.
ولما وضعت الحرب أوزارها لم يكونوا في نصرة الشعوب العربية التي نهضت تطالب بحقها، ولم يكونوا في الميدان القومي، بل كانوا في ميدان الحزبية أبواقاً لها. . . ولم يناضلوا لتحقيق العدالة الاجتماعية إلا قلة منهم استجابي في تخاذل لهتاف الشعب، واندفعت الكثرة وراء أرستقراطية مصطنعة تتظاهر بها، ووراء رخاء مادي تناله من ذوي السلطان والثراء، ثم قال:(هجرتم صحفكم الأدبية العلمية النظيفة، ورضيتم صحفا أخرى، وواعدتمونا هناك، حيث لقيناكم وبجواركم الأفخاذ العارية والموضوعات القذرة)، وقال (إننا لم نجد عندكم الضمير الأدبي الذي كنا نتخيله في الأساتذة المرموقين. فانتم لا تحاولون أن تبرزوا على المسرح إلا أذيالكم وبطانتكم، والذين يؤدون لبعضكم خدمات شخصية قد لا يؤيدها الرجل الشريف!. . . وإننا معذورون إذا شككنا في شهادتكم لبعض الناس، وفي إغفالكم لبعض الناس!)
وهذه التهم التي وجهها الأستاذ سيد قطب إلى شيوخ الأدب صحيحة في جملتها، وان كان قد بالغ في بعضها واشتط في بعض. .
ولكن هل هي القضية بين الشبان والشيوخ في الأدب؟
لقد كان كلام الدكتور طه في هذه القضية، أما الغارة التي شنها الأستاذ قطب، فليس من العدل أن يخص بها الشيوخ دون الشبان! لأنها قضية الوطن مع الأدباء عامة شيخهم وشبابهم، وإن كانت تبعة الشيوخ فيها اكبر، بحكم الإقبال عليهم في الأعمال التي أخذها عليهم، وبحكم مكانتهم والثقة بهم. ولم يكن فيما قاله من قضية الشبان والشيوخ في الأدب إلا ما جاء في الفقرة الأخيرة من أن الشيوخ لا يبرزون على المسرح لا أذيالهم وبطانتهم، وانهم ينحرفون في شهادتهم لبعض الناس وفي إغفالهم لبعض الناس، ولكن كيف فات الأستاذ قطب أن هؤلاء الذين يسميهم أذيالاً وبطانات من الشبان الذين يقودون المعركة