مهداة إلى حضرة صاحب العزة الدكتور عبد الوهاب بك عزام
الفصل الثاني
خاتمة سلطان
لله ما أروع الدهر، وما أكثر عجائبه، وما أقسى ما تقدم الأيام من عظات وعبر، وما تحتوي عليه من صروف وغير
والدهر آونة يصفو لصاحبه ... حتى يعود فيسو ماءه كدرا
يعطي ويمنح ما شاءت عوارفه ... ويسلب المرء كرها كل ما دخرا
العادل الملك المزهي بداوته ... كبابه الملك حتى عاد فانحدروا
سعى إليه ولكن سعى مؤتمن ... ولم يقدر لمقهى دهره الحذرا
أيها الملك العادل طومان باى! هاهي ذي دولتك تولي، وها هي ذي دولة أخرى تقبل، وها هو ذا سلطان جديد يحتل عرشك، ويجلس فوق كرسيك، فيبذل ويهب، ويرقي ويؤمر، وينهي ويأمر، وينفي ويعفو، ويوطد دعائم سلطنته بالحزم والعزم وبالبر والوعد الحسن، يعاونه في ذلك كثير من الناقمين منك الحاسدين لك، الحاقدين عليك، الذين ناصبتهم وقت زهوك، عداء استحكمت حلقاته، وجفاء زاد أمره واستشرى خطره.
ولقد أملى لك جهلك، وضعف بصرك بالأمور، أن تبطش بهم رجلاً في أثر رجل، وتقتلهم أميراً بعد أمير، وتفتك بهم صديقاً في أعقاب صديق، مع أنهم جنود عرشك، وحاملو كرسيك، ومؤسسو سلطانك، ومدعمو دولتك، ولكنك جعلت مسرح سلطنتك مذبحاً تنحر فيه فحول رجالك، بدل أن تلتمس منهم العون، وتسترق قلوبهم بالود.
هان لهم الأمر، ورأوا بأعينهم قرب مصارعهم وأنهم على وشك أن يلقوا منيتهم بين يديك، فجميعهم الخطر المشترك؛ وآثروا اطراح أطماعهم ودخلهم والضغائن الفاشية بينهم، لكي