عندما أراد الروح الأعظم بفضله وكرمه أن يجعل الإنسان على الأرض، ويخلقه على صورته التف حوله الملائكة في غبطة وسرور، وتوسل إليه كل منهم أن يجعل له نصيباً في هذا العمل الجليل. فسر الروح الأعظم لهذا الحب والإخلاص كل السرور وحقق لهم ما يرغبون
ثم حدث ذات يوم أن عم الحبور أرجاء الكون، وتجاوبت أنحاؤه بأصوات الموسيقى؛ وغنت الملائكة أغنيات الفرح وترددت النغمات العذبة في كل مكان: في الأنهار والأشجار والأزهار، وكيف لا يحدث ذلك وقد شاءت إرادة الروح الأعظم في هذا اليوم أن ينفخ نسمة وروح الخلود في قطعة الطين التي اشتركت الملائكة في صنعها على صورته
على أن ملاكاً واحداً - وهو ملاك الحزن - لم يشترك في هذا العمل المجيد ولم يكن له في السرور نصيب. ذلك لأنه قضى أيامه كلها يبكي حسرات على مياه الأمطار التي كانت تتساقط دواماً في البحار. فلما نظر الروح الأعظم إليه وجده غارقاً في دموعه، فأراد أن يخفف عنه فقال له: لا تبك! إن غارقاً في دموعه، فأراد أن يخفف عنه فقال له: لا تبك! إن كنت تود أن يكون لك نصيب فيما خلقت فسأمنحك ذلك. لقد تأخرت قليلاً وهاهو ذا الإنسان قد تم خلقه وتكوينه، ولا يمكن أن نرجع في هذا، ولكن أنظر! إنه ما زال غطاً طرياً؛ فتقدم واجلس إليه، وكن حارساً عليه، وامنع عنه كل ما يشوهه، أو ينقص من كمال صنعه
فابتسم ملاك الحزن لهذا الفضل العظيم، إذ أي فضل أعظم من رعاية هذا الصنع الجميل ووقايته من كل شر وتشويه
وجلس الملاك إلى جانب الطين اللين وقد عرض لأشعة الماتاهارى (عين النهار أي الشمس) ليمتص منها حرارة الحياة ودفئها وأخذ يرقبه في عناية وحذر خشية أن يحدث له