للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

الأزهر والفلسفة الإسلامية:

في مقال الأستاذ سيد قطب في عدد الرسالة رقم ٨٢٨ كتب الأستاذ هذه العبارة التالية موجهاً الكلام إلى الأستاذ توفيق الحكيم:

(. . . ومالي ألومكم أنتم والأزهر ذاته لا يدرس في كلياته إلا تلك الفلسفة الإسلامية باعتبارها فلسفة الإسلام).

وأود أن أطمئن الأستاذ الكاتب الفاضل على أن الأزهر في تأريخه لم يدرس الفلسفة الإسلامية على اعتبارها أن تمثل فلسفة الإسلام، أن تحكي مبدأ من مبادئه، أو هدفاً من أهداف.

ففي ماضيه كان يحرم دراسة النوع الإلهي من الفلسفة الإسلامية، لأنه كان يرى في هذا النوع انحرافاً واضحاً عن الإسلام. ومن أجل ذلك كان يلوم فلاسفة المشرق، أمثال الكندي والفارابي وأبن سينا، على اشتغالهم به، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، وجاري الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة)، وكفر هؤلاء الفلاسفة لمسايرتهم الفكر الإغريقي في القول بقدم العالم، وقصر علم الله على الكليات، وإنكار بعث الأجسام.

وفي العصر الحديث يدرس الأزهر في كلياته الفلسفة الإسلامية كما يدرس أنواع الفلسفات الأخرى من الإغريقية، إلى الدينية في القرون الوسطى، إلى المذاهب الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة. . . على أنها اتجاهات للفكر الإنساني في أزمنة متعاقبة وفي بيئات مختلفة، وقد يكون بعضها ترديداً لبعض، أو إضافة جديدة لما سبق.

وهو في هذه الدراسة يوازن بين إنتاج الفكر الإنساني في عصوره المختلفة وبين الإسلام كدين أوحى به من عند من له الكمال المطلق.

ومع شكري للأستاذ الفاضل سيد قطب على غيرته القومية والإسلامية، ودفاعه عن (أصالة) الشرق في تفكيره، ورغبته الشديدة في أن يرى اعتزاز أهل الشرق والإسلام بما لهم من ثقافة وتوجيه في المرتبة الأولى مما يعتز به الإنسان المثقف أؤكد له أن الأزهر الحاضر تسيطر عليه في البحث والتوجيه روح إسلامية شرقية عرفت ما في الغرب من ثقافة واتجاه بعدما وعت ما في الإسلام من مبادئ، ودرست ما كان لشعوبه من خصائص

<<  <  ج:
ص:  >  >>