ومرة أخرى يفتتح (طه حسين) الموسم الثقافي لنادي الخريجين المصري بمحاضرة عن (الثقافة الوطنية، والثقافة العالمية).
ولنا قبل أن نلخص المحاضرة عتاب على نادي الخريجين الذي يرأسه الدكتور العميد، لأنه لم يوفر للعدد الضخم الذي حضر ليسمع (طه حسين) الأماكن. . وإذا كان النادي لا يتسع، فقد كان في الإمكان أن يختار أي قاعة من القاعات الواسعة: نقابة الصحفيين، أو يورت، أو الشبان المسلمين. .
لقد ذهبنا قبل موعد المحاضرة بنصف ساعة فلم نجد مكاناً واضطررنا أن نقف في تلك الطرقة العتيقة محشورين على وجه غاية في القسوة، فترة تزيد على ساعة ونصف الساعة. .
وبعد. فهل أستطيع أن ارسم خطوطاً عامة لهذه المحاضرة الممتعة؟ أرجو. .
تحدث الدكتور عن الثقافة، وقال أنها ليست شيئا يمكن تحديده، وأنها وسيلة من وسائل التقارب بين الناس والأجناس، وأنها الأداة الوحيدة لمنع الحرب ونشر السلم. .
رسم العميد صورة للمثقف في العصر القديم، قبل الإسلام وبعد الإسلام، وكيف كان الشاعر يسعى من باديته إلى الحاضرة، يحمل قصيدة يمتدح بها الخليفة أو الأمير، فإذا وصل إلى الحاضرة أعجبته ورضي عنها فاستقر بها طويلاً. . وأفاد من اتصاله بالناس في خلال رحلته الطويلة وفي خلال مقامه في الحاضرة، فإذا عاد بعد ذلك إلى البادية، عاد ومعه ثقافة واسعة جديدة. .
وقال الدكتور طه حسين إنه ليس هناك ثقافة وطنية وثقافة عالمية، وإن التفريق بينهما خطأ واضح، إذ أن الثقافة عالمية قطعا، وإنه لا سبيل لأمة الآن أن تعيش منفصلة عن غيرها، ولا أن يعيش شعب على الثقافة العربية وحدها، لعاشوا بعيداً جداً عن الحياة الحاضرة.
وليست مصر وحدها هي التي تستطيع أن تتخلف عن الثقافة العالمية، بل إن الأدب الفرنسي والأدباء الفرنسيين، لا يستطيعون أن يقولوا إنهم عاشوا دون أن يقرئوا الأدب