للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سيباي الكافلي]

آخر نائب للمملكة المصرية بالشام

للأستاذ أحمد رمزي

القنصل العام السابق لمصر بسورية ولبنان

كان ذلك في جولة من تلك الجولات في دمشق حين كان يحلو لي السير لمسافات بعيدة للتعرف على أحياء المدينة التي قلت عنها إنها (عاصمة وثغر ورباط). وذلك لما نقل عن أبي الدرداء من قوله: (إن أهل الشام مرابطون وأنهم جند الله)

وكان ذلك في ربيع سنة ١٩٤٣ ويد الله تحرك العالم وشعوبه وسط حرب عالمية شعواء، والشرق العربي يتأرجح بين الصليب المعكوف ورمز النصر الديمقراطي، وكان معي صاحبي وقد انتهى بنا المطاف إلى بناء عليه مسحة القرون المصرية التي نعرفها قلت: (هذا البناء لنا) وصاحبي يعرف مقدار شغلي بكل ما يذكر بمصر العربية الخالدة من عهد الأبوية والبحرية والبرجية، ففتح فاه وقال: (نعم! ألا تدري أنك أمام جامع سيباي) قلت: (ومن هو سيباي هذا؟) قال: (هو نائب الشام تولى إمرة السلاح بمصر) ثم عين نائباً للسلطنة المصرية بدمشق في عهد سلطاننا الغوري طيب الله ثراه - قلت: (إذن هو آخر من حكم هذا البلد الأمين من أمراء مصر؟) قال: (نعم) سألته: (كم يفصلنا عنه من القرون؟) قال: (أربعمائة وأربعون عاماً) قلت: (لقد انتهت الفترة إذن وستبعث مصر بعثاً جديداً وستعود أيامها الخوالي وستلعب دورها التاريخي مرة أخرى) - ونظرت إليه محدقاً وقلت: (أو لم تؤمن بما أقول؟). فابتسم صاحبي ابتسامة عريضة لها معناها. وتوجه إلى المسجد وقال لي: (أتدري ماذا يقولون عن جامع سيباي؟ يطلقون عليه اسم جمع الجوامع) قلت: (أي نعم أذكر جيداً جمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي المتوفي سنة ٧٧١هـ وأذكر الرواق العباسي بالأزهر وما ألقاه علينا أستاذنا الأكبر الشيخ الدجوي يوماً ما) قال: (لا؟ وإنما أردت أن أقول إن بعض الظرفاء وإن كان الكرد علي في الجزء السادس من خطط الشام صفحة ٩٣ يسميهم العلماء يقولون إن صاحب هذا الجامع لم يدع بدمشق مسجداً مهجوراً ولا مدفناً معموراً إلا أخذ منه من الأحجار والرخام والأعمدة ما أحبه؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>