كثير مما يقال عن تأثير الحصار في الحرب العظمى، ويلغط به الناس، يحمل طابع المبالغة. فعلى الرغم من موقعنا الجغرافي الممتاز وتفوقنا البحري العظيم، فإن هذا الحصار لم يؤت ثماره إلا بعد اشتراك أمريكا في الحرب. إن تنفيذ مبدأ كهذا المبدأ على البضائع التي تصدرها دولة قوية محايدة كالولايات المتحدة يعد من الأمور المستحيلة. فإذا حاولنا ذلك تعرضنا لمشاكل سياسية لا نهاية لها. ومما لاشك فيه أننا كنا إلى منتصف عام ١٩١٧ غير قادرين على منع كثير من البضائع الهامة التي ترسل إلى ألمانيا عن طريق اسكاندينافيا وغيرها من الأمم المحايدة
ولم يكن للحصار تلك القوة القاهرة التي تقضي على خصومنا القضاء المبرم كما يعتقد الكثيرون، حتى حين أصبح أمراً واقعاً على الأعداء. فلا نعرف أن خطة حربية ذات أهمية تذكر أخفقت بسبب نقص السلاح أو الذخيرة وكان الحصار السبب المباشر لهذا النقص. ولم يشك أحد من قواد الألمان في جميع الميادين نقص السلاح أو الذخيرة طيلة الحرب، وإن كانوا يشكون قلة الرجال. ولا نستطيع أن نعزو انعدام الدبابات في الجيش الألماني إلى الحصار كما أننا لا نستطيع أن نقول إن الطائرات الألمانية أو الغواصات نقصت بهذا السبب
ولكن ضغط الحصار كان واقعاً في الحقيقة على السكان المدنيين دون الجنود أو البحارة أو الطيارين. ولم يكن حتى هذا الضغط بالذي يؤدي إلى كبتهم وشل حركتهم كما يعتقد الكثيرون ويستدل من الكتاب الذي ألفه (جنرال واندوهر) بعنوان (الجوع) - وهو كتاب موضوع في هذا الشأن - على أن ضغط الحصار لم يكن إلا نوعاً من حرب الأعصاب التي تضايق السكان بحرمانهم من الحصول على المواد التي اعتاد الرجل المتوسط الحال أن يحصل عليها في سهولة ويسر، ولم يكن بذي أثر فعال يصل إلى الإضرار بأجسامهم ونفوسهم كما قد يفهم وهذه نتيجة أستطيع أن أعززها بملاحظاتي الشخصية
ولا يفهم من هذا أن الحصار كان عديم الفائدة أو أن العدو لم يعان من أجله مصاعب لا