[من وحي إنجلترة]
البانوراما
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
(البانوراما هي هضبة عالية بمدينة إكستر تشرف على السهول والأودية الممتدة حول هذه المدينة التي تعد عروس المدن في جنوب غربي إنجلترة. وقف الشاعر عليها وأرسل الطرف بعيداً بعيداً ثم نظم هذه الأبيات).
هذا الفضاءُ أَمام عينكِ فانظري ... تجديه ملَء السَّمع ملَء المنظر
إني أذُوقُ به لذاذاتِ الهوى ... وأشمٌ نفحَ عبيرِهِ المتعطِّرِ
حيثُ الربيعُ هناك في ريْعانه ... يختالُ في الُبرد النضير الأخضر
حلَّنت بشاشُته بكل ثنيَّة ... وبدتْ نضارته لكل مصورِّ
صُورٌ جَلاها الحسنُ فهي مُشاعة ... تهبٌ لعبَّادِ الجمالِ الأطهر
قد عفتُ ثرثرةَ المدينة فاسمعي ... همس النسيم يمرُّ غير مُثرثر!!
وسئمتُ أكدارَ الحياةِ وهاهُنا ... ماءُ الحياةِ الصفو لم يتكدَّرِ
وبَرِمْتُ بالأنفاس وهي حبيسةٌ ... في قلبيَ المتأجج المتسِّعرِ
ووجدتُ أعباَء الحياةِ ثقيلةً ... فأردتُ أطرحها بهذا المشعَرِ!
وهناك في النَّشَوات غبتُ كأنني ... سكرانُ من خَمرٍ ولو لم أسْكَرِ
وافقتُ والدنيا أمامي جَنَّةً ... حُفتْ بكل محببٍ ومُخَيَّرِ
والجدولُ الوسنان يخطر تحتنا ... ينسلُّ مثلَ العاشِقِ المتحذَّرِ
وعلى امتداد الطَّرف قريةً ... قد لفَّها وَرَقُ الربيع بمئزر
ظَهَرتْ على الأفق البعيد وخلفها ... دنيا مغيَّبة الصُّوى لم تَظْهَر
عجباً يلوحُ لنا القريبُ كواقع ... ووراءه غيبٌ كسرٍ مُضْمَرِ
مَن لي (بزرقاء اليمامة) علَّنى ... أَشْتَامُ ما خلف الستار الأكبر؟؟