طلبت محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية إلى محرر هذا الباب، أن يتحدث إلى مستمعيها عن (الاتجاهات الأدبية الحديثة في مصر) فأعد لها هذا الحديث الذي سجل في (استوديوهات السيد بدير بالقاهرة) وأذيع مساء يوم الأربعاء الماضي. ويظهر أن المحطة ستذيع أحاديث أخر عن الاتجاهات الأدبية الحديثة في الأقطار العربية الأخرى. فأنشر حديث الاتجاهات المصرية فيما يلي، راجيا أن يتاح لي تتبع ما عسى أن يذاع عن الاتجاهات الأخرى، فأحدث به قراء الرسالة لنقف على وجهات النظر في عالم الأدب العربي الحديث بمختلف بلاده
وهذا نص حديثنا:
كان أساتذتنا شيوخ الأدب المصري، أصحاب دعوة جديدة في التوجيه الأدبي، ظهروا بها في الثورة على من عاصروهم من قدامى الأدباء، وقاموا بدورهم الخالد في نهضة الأدب العربي الحديث، ارتادوا آفاق الآداب الأوروبية، وهم ذوو ثقافة عربية ومواهب أصيلة، ثم كتبوا وألفوا، حتى جمعوا لنا هذه الثروة الأدبية التي تكون أدبنا الحديث
وموضوعنا - وهو (الاتجاهات الأدبية الحديثة في مصر) - لا أريد له أن يعنى أدب أولئك الأعلام وذلك لأمرين، الأول أن ذلك الأدب قد شبع من درسه والحديث عنه، الأمر الثاني أنه قد تقادم عهده بعض الشيء، وجد بعده أو معه أدب أولى منه بلفظ (الحديث) من الناحية الزمنية على الأقل.
وقبل أن نقصد إلى هذا الأدب الحديث، ونأخذ في تبين اتجاهاته، أحب أن أذكر أمرا أراده محور هذا الموضوع ذلك أن المسألة في اتجاه الأدب ليست مسألة الأدباء وحدهم، وإنما هي كذلك مسألة القراء، بل إننا إذا نظرنا إلى الكتاب كانوا قراء قبل أن يكونوا كتابا، ولعلهم أكثر الناس قراءة - إذا نظرنا إلى هذا وجدنا الأمر كله في توجيه الأدب راجعا إلى القراء، فالجيل من الناس يشعر بحاجاته، ويطلب من التفكير والتعبير ما يلائم روحه وعصره، فيخرج من صميمه كتاب يعربون عنه ويقودون أفكاره ,