للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

ناظر المدرسة

للقصصي الروسي أنطون تشيكوف

ترجمةاللأستاذ محمد قطب

كان فيودور لوكيتش سيسوييف - ناظر المدرسة التابعة للمصنع الذي يديره كوليكين - كان يعد نفسه لحفلة الغداء السنوية. ففي كل عام بعد انتهاء الامتحانات كان المدير يقيم حفلا يدعي إليه مفتش المدارس الأولية والممتحنون ويحضره كذلك مديروا المصنع.

وعلى الرغم من الصبغة الرسمية التي كانت لهذه الحفلات فإنها كانت ذائما حافلة بالحياة والمرح، وكان المدعوون يقضون فيها وقتاً طيباً ناسين ما بينهم من فروق. وكانوا يأكلون حتى يمتلئوا ويشربون ويتحدثون حتى تبح أصواتهم، ثم يتفرقون في المساء المتأخر وقد انطلقت حناجرهم بغناء صاخب تغطي حدته على ضجيج آلات المصنع!

وقد حضر سيسوييف من أمثال هذه الحفلات ثلاثة عشر إذ كانت قد مضت عليه ثلاث عشرة سنة في نظارة تلك المدرسة. والآن - هو يعد نفسه للرابع عشر - كان يحاول أن يبدو عليه البشر وأن تبدو حركاته مضبوطة بقدر الإمكان. وقد مرت عليه ساعة كاملة وهو ينظف بالفرشاة بذلته الجديدة السوداء وقضى ساعة أخرى أمام المرآة وهو يرتدي قميصاً على آخر طراز. ولكن دبوس الرقبة لم يشأ أن يدخل في عروته بسهولة فثار الرجل وصخب وراح يوجه أعنف اللوم إلى زوجته ويهددها بعظائم الأمور.

وكانت زوجته المسكينة قد أنهكت قواها وهي تدور حوله لتقضي له حوائجه وتساعده على إعداد نفسه. والحق أنه هو نفسه قد خارت قواه آخر الأمر حتى إنه - حين أحضر له حذاؤه الملمع من المطبخ - لم يستطع أن يلبسه واضطر أن يضطجع حينا من الوقت ويشرب كوبا من الماء فتنهدت زوجته آسفة وقالت له (لقد غدوت ضعيفاً جداً، وكان الأجدر بك ألا تذهب إلى هذا الغداء أبدا)

فقاطعها غاضباً (لا أريد نصائح من فضلك!)

وقد كان ثائراً جداً. . . وكانت نتيجة الامتحانات الأخيرة تثيره أكثر من كل شيء. ومع أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>