الامتحان قد أنتهى بصورة باهرة وحصل تلاميذ الفرقة الأخيرة على شهادات وجوائز أيضاً، وسر لهذه النتيجة رجال المصنع ورجال الحكومة سواء، إلا أن ذلك كله لم يكن كافياً لحضرة الناظر. . . فقد آذاه أن التلميذ بابكين الذي لم يكن يخطئ في الإملاء أبداً قد أخطأ ثلاث مرات، وأن سرجييف كان شديد الاضطرات فلم يعرف حاصل ضرب ١٧ ١٣، وأن المفتش وهو شاب غير مجرب - قد اختار للاملاء قطعة صعبة، وأن ليابونوف - وهو ناظر مدرسة مجاورة - لم يسلك مسلك الزملاء حين اختاره المفتش لإملاء القطعة بل جعل يبتلع الحروف ابتلاعا ولم ينطق الكلمات كما هي مكتوبة!
وبعد أن ارتدى الرجل حذاءه بمساعدة زوجته ونظر إلى نفسه في المرآة مرة أخرى، أمسك بعصاه المحببة وذهب إلى الحفل. وما إن وصل إلى منزل مدير المصنع حتى حدث له حادث بسيط فقد انتابه نوبة سعال عنيفة فجعل يهتز حتى طارت قبعته من فوق رأسه ووقعت عصاه من يده. وما إن سمع المفتش والمدرسون سعاله حتى هرعوا إليه فوجدوه جالساً على أسفل السلم سابحا في بحر من العرق، فقال المفتش مستغرباً (أهذا أنت يافيودور لوكيتش؟ هو. . . أتيت؟) ولماذا لا أحضر؟)
(كان يجب أن تكون في المنزل ياصديقي العزيز فلست اليوم على ما يرام)
إنني اليوم كما كنت بالأمس. . . وإذا كان وجودي يضايقكن فأستطيع أن أرجع)
(أوه يا فيودور. لا تتحدث بهذه اللهجة! تفضل بالدخول. إنك أنت تشرف هذا الحفل لا نحن. وإننا لمسرورون برؤيتك. . . مسرورون جداً!)
وكان كل شيء في الداخل قد أعد للحفل. وكانت في حجرة المائدة المزينة بزهور (الجيرانيوم) مائدتان إحداهما - الكبيرة - للطعام، والأخرى قد وضعت عليها طائفة من المشهيات. وكان ضوء النهار الحار يدخل بقدر من خلال الستائر المدلاة على النوافذ. وكانت مناظر الطبيعة المنقوشة على الستائر وأزهار الجيرانيوم وشارئح اللحم المرتبة في الصحاف. . . تعطي كلها جوا فطريا عاطفيا يلائم طبيعة صاحب المنزل وهو رجل ألماني طيب القلب صغير الجرم تلمع عيناه بالبشر والمحبة يدعى (أدولف أندريتش بروُني) وكان يدور حول المائدة الصغيرة نشيطاً متحمساً يملأ الأكواب بالشراب، ويملأ الصحاف بالطعام محاولا بكل طريقة أن يعبر عن صداقته وأن ينشر البشر على الجميع.