كتب سيد قطب مقالات عدة يجرح فيها الرافعي وأدبه. وسيد قطب ليس من تلاميذ الرافعي ولا يبلغ أن يكونه، فما أظنه ولد إلا بعد أن ولدت مسألة القديم والجديد، وعمرها كما نبهنا في الكلمة السابقة لا يزيد على ثلاثين عاماً، وإذن فعمره من يوم ولد إلى يوم كتب لا يمكن أن يبلغ عمر أدب الرافعي الذي بدأ يقول الشعر الجيد على رأس التسعمائة كما يدل عليه ما نشرت الرسالة من نماذج شعره في ذلك العهد (أنظر مثلا العددين ٢١٣و٢١٤ من الرسالة)، وإذا كان عمر أدب الرافعي رحمة الله عليه أكبر من عمر صاحب تلك المقالات فقد كان المعقول أن يكتب عن الرافعي وأدبه بغير تلك اللهجة وبغير ذلك القلم لولا أننا في عصر انتقال من أسوأ سيئاته تمرد الشباب على النظم ولو كانت فاضلة، وتطاول الصغير على الكبير في الإشارة والعبارة إذا كان بينهما خلاف
ونحن إذ نقول هذا لا نأخذ على صاحب تلك المقالات أن يكون له في الرافعي رأي يخالف رأي جمهرة الأدباء، ولكن نأخذ عليه ما أخذه غيرنا من طريقة إبداء هذا الرأي. فلو كان ندا للرافعي لما حسن فيما يبدي من رأي إلا أن يكون مهذب اللفظ مؤدب القلم، فكيف وهو ليس للرافعي بند ولا لبعض تلاميذ الرافعي؟ إن الأديب من غير شك يستطيع أن يعرب عن رأيه في مقام كهذا من غير خروج على أدب القول ومن غير أن يزيد الطين بلة بالتماسه إلى هذا الخروج العلل والمعاذير
على أن إسراف تلك المقالات فيما ذهبت إليه من سوء الرأي في الرافعي وأدبه لا يشك فيه أحد ممن له شيء من الاتزان في التفكير. فلو غير صاحب تلك المقالات خطر له في الرافعي مثل هذا الرأي المسرف من أن ليس للرلفعي إنسانية ولا طبع ولا نفس ولا قلب ولا ذوق ولا ذهن ولا حياة إلى آخر ما شاءت له بغضاؤه أن ينفي عن الرافعي - لو غيره خطر له هذا في الرافعي لوقف من هذا الخاطر موقف المتهم المتشكك على أقل تقدير، إذ