للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

معرض القاهرة السادس والعشرون التصوير والنحت

للأستاذ نصري عطا الله سوس

نحب أن نمهد الحديث عن هذا المعرض بذكر بعض الأصول والبديهيات التي اهتدينا بهديها حين كتبنا هذا المقال، والتي كثيراً ما يؤدي الجهل بها أو التشكك فيها إلى الخطأ في الحكم والتقدير، ومن ثم فوات المقصود من إنتاج الفن أو مشاهدته:

البديهية الأولى - والأخيرة! - هي أن الفن هو التعبير الموفق عن العاطفة الصادقة، فالمصور يلجأ إلى التصوير للتعبير عن عاطفة جاشت بها نفسه وامتلأ بها قلبه، وهذه العاطفة تختلف عن عواطفنا اليومية العادية بقوتها، ووضوحها وكمالها، وفي الفن لا ترى الأشياء بعين الحاجة أو المنفعة؛ بل نراها لمجرد رؤيتها ونتأملها لغاية التأمل، وهذه النظرة للأشياء تتسم بدقة الإدراك ونقاء الأثر الذي تحدثه في نفس الفنان، وبالتالي في نفس المشاهد.

وخاصية فن التصوير هي التعبير عن عاطفة أو إحساس تلقيناه عن طريق العين، أثارته فينا الخصائص الشكلية للأشياء والمعاني، ولذا لا يمكن التعبير عنه إلا بالأشكال والألوان. ولو أمكن التعبير عنه بوسيلة أخرى، كاللغة مثلاً، لبطلت الحاجة إلى فن التصوير وانتفى وجوده.

وليست الغاية من الفن محاكاة الطبيعة أو النقل الأمين عنها كما يظن الكثيرون، فالفن لا يعطينا صورة من الأشياء بل من جوهر الأشياء، وحقيقتها الكاملة بما فيها من إمكانيات مستسرة وقيم عليا. ويختلف نصيب الأعمال الفنية من العظمة والجودة باختلاف نصيبها من القوة التعبيرية التي تقوم على قوة الحافز العاطفي ومتانة وصدق الأداء، وقوة الأثر وخلود الذكر من نصيب الأعمال الفنية التي تعالج العواطف الإنسانية العنصرية والأصيلة، والتي تطرد في الناس على اختلاف البيئات والزمان، والتي تعالج الحقائق الباقية والقوانين الكونية والمثل الإنسانية العليا، على أن يتسم الأداء بالقوة والكمال والبساطة، ويعبر عن دقة الفهم ولطف الإحساس.

المستوى العام للمعرض أعلى منه في السنوات القليلة الماضية، وهناك عدد لا بأس به من

<<  <  ج:
ص:  >  >>