للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أستاذ الدعاة وزعيم المصلحين]

شيخ الإسلام ابن تيمية

للأستاذ عبد الجليل السيد حسن

. . . قدره في السماك عند قوم، وفي الحضيض عند آخرين. كثر محبوه ومبغضوه!. . . ففي كل صقع معجب به، وحانق عليه؛ وفي كل بلدة رافع له إلى رتبة الصحابة الأخيار، ونازل به إلى أحط دركات الكفار

رمي في قاع السجن عسى أن يرجع عن رأيه، فما خضع ولا هان؛ وأوذي أشد الأذى فما ازداد إلا استمساكا بدعوته؛ وحورب بكل القوى فما ارتد عن عقيدته - خاف الله حتى ما عاد يرهب أحدا؛ فما بالي بجبار. . . وإن كان جبار المغول؛ وما ريع بظالم. . . وإن خضبت يده بالدماء

بلغ في العلم الذرى، حتى سبق شيوخه. . . وهم شيوخ فقه الكتاب والسنة حتى ما عاد يرى إماما يقلده في فقههما؛ فوضع نفسه - بحق - موضع الأئمة الأربعة؛ فكان له مذهب أخذ به فيما بعد. صفى العقيدة والشريعة من كل دخيل، ورجع بها إلى صفائها الأول. . ونقائها الأوحد.

جاهد الجهادين - وأبلى خير بلاء - جهاد العلماء الذين علوا بقومهم؛ وجهاد الفرسان الذين احتربوا بين طعن القنا وخفق البنود. وحارب كأصغر جندي، وقاد أكبر القواد.

. . . هذا هو شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذه صورته؛ وصورة الناس إزاءه.

ولد - تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد ابن تيمية الحراني - يوم الاثنين ١٠ ربيع الأول عام ٦٦١ هجرية (٢٢ يناير عام ١٢٦٣ ميلادية) في حران قرب دمشق.

وما عتم أن هجر أهله حران إلى دمشق (وهو في السابعة من عمره، هربا من جور التتار؛ وكانوا آنئذ بالشام يغيرون على المسلمين).

وقد كان أبوه عالما حنبلي المذهب؛ فبدأ بتلقين ابنه - في دمشق - ع لوم الدين فاستشعر الصغير لذة العلم، فاختلف إلى مجالس العلماء - وكانت عامرة بروادها - في دمشق بلقف من أفواه ربابنتها؛ وتعدد شيوخه حتى أربوا على المائتين في علوم الدين العربية وعلم

<<  <  ج:
ص:  >  >>