(. . . إلى الذين تاهوا في فلوات الغي والضلال. إلى الذين
ابتعدوا عن المورد العذب. إلى فرسان الضباب. . أقدم هذه
الأقصوصة!!).
يالي من عربيد فاجر!.
كنت أجري وراء اللذات، أينما حلت وحيثما ارتحلت، كنت أشتريها بأي ثمن كان، فأندفع إليها اندفاع الطائش المغرور، وأنا غائص في الأوحال. أعمى من رماد الزمن. . تصرعني الجذوة الحمراء وهي تلح ذروة سعيرها!
رافقت الشيطان في رحلته، ورقصت معه على أشلاء الفضيلة ونحن نردد أغانينا المحبوبة: في رقصتي عطر وكأس وجسد!.
كنت أقصى الساعات والليالي بين صخب وعربدة ومجون بين قصف ورشف وأنعام. . تبهرني الأضواء الساطعة، وترسل صداها في نفسي، فتركني مغموراً بدنيا أسراري، بدنيا لذاتي متطلعاً بلهفة قائلة، لعلي أفهم كنه ذلك السر المجهول!
كنت أسير عواطفي، أتقلب بين الشك ويقين، بين الكفر وإيمان، بين حيرة ورشاد. . أندفع بكياني رغم كل شيء، فتتراءى لي من بعيد، من هنالك أخيلة وهواجس، رؤى وأحلام، أنوار وسراب. . فأنسرب في المجهول وأنا غير هياب، أفتش عن سر دفين، عن تلك القوة الهائلة التي تجذبني قسراً إليها، فتحطم أغلال إرادتي. . فأندفع اندفاعه طائشة، وأنا أرتجي الخطوة، أرتجي الأمل الذي يتراءى لي من بعيد - كما أتصور ذلك - فبقيت في حيرتي هذه بين مد وجزر، أفتش عن كل شيء، أريد كل شيء. . . ماذا أريد؟! أريد طريقي!. وأي طريق؟! طريقي القهقري، طريقي الوعر اليابس!! أريد مواكبي! وأي مواكبي؟! موكب الذكرى، مواكب الشباب المضر، موكب التوبة. . ولكني كيف؟! وقد فاتني الشباب،