للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من والد إلى ولده]

للأستاذ محمود خيرت بك

المهندس الشاب أبو بكر خيرت، ولد صديقنا الشاعر محمود بك خيرت، هدية من هدايا النبوغ لمصر. تخرج في هندسة العمارة من مدرسة الفنون الجميلة العليا بباريس بدرجة التفوق والامتياز، ثم بهر بأعماله الفنية رابطة المهندسين في فرنسا وإنجلترا فمنحوه الجوائز والأنواط تقديراً لنبوغه؛ وتقدم إلى المسابقة التي اقترحها بنك مصر لفندقه وعمارته في ميدان إبراهيم بالقاهرة فأحرز قصب السبق على ثلاثة وعشرين مهندساً عالميين من أجانب ومصريين وفاز بالجائزة الأولى الممتازة، وكرمه المهندسون المصريون وعلى رأسهم معالي حسين سري باشا، فهز كل أولئك من شعور أبيه فعبر عن سروره بولده، واعترافه للبنك، وشكره لله، بهذه القصيدة:

أين حُسن الربيع في إقبالِهْ ... نتَنشَّى مِن الصَّفا في ظلالِهْ

وابتهاجُ السماء والبدر سارٍ ... يتهادى في هالةٍ من جلاله

واهتزازُ الغصون تشدو القماري ... فوقها شَدْو زاخِرِ الشوق وَالِه

وابتسامُ العروس في ثوبها الشّ ... فِّ تبدَّت أعطافُها من خلاله

أين هذا من مُنتدًى غمَرته ... نشوة البشر يوم عيد احتفالِه

كرّموا فيه صفوةً من شبابٍ ... هام بالفن وارتوى من زلاله

وفتىً منهمُ عرفناه لمّا ... أحرز السبق رابضاً في مجاله

والدّجى مظلم الجوانبِ إلاّ ... إن بدا في السماء وجهُ هلاله

كان للفن من حضارة ميناَ ... والأُلَى قد سروْا على مِنواله

روعةٌ تسحر النفوس ومعنىً ... يفتن المعجَبين سحرُ جماله

إنما كرّت الليالي عليَهْ ... فطوتْه موسّداً في رمالِه

لا نرى حسنه البديعُ ولا نَلْ ... مَس من مجده سوى أطْلاله

كالأسير الهزيل تنكره العَيْ ... ن وتبكي عليه في أغلاله

آن أن يرسل الزمان إليه ... مِن بَنيه من حَلَّه مِن عقاله

بَعثَ الفنُّ من ثراهُ أبو بك ... رٍ وأوفى على نواحِي كمالِه

<<  <  ج:
ص:  >  >>