للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الأشواق الملتهبة]

شجرتي الضالة

(مهداة إلى الأستاذ مصطفى صادق الرافعي)

للأستاذ خليل هنداوي

مقدمة:

(لي شجرة ضخمة الجذع وارفة الغصن؛ أحج إليها كل يوم لأتبوأ جذعها ألابتر مقعداً، حيث لا يطرقني إلا الطيور النازحة والنسائم الرائحة شان هذه الشجرة عجيب، قد غبرت عليها عصور، وهي ثابتة تبدل قشوراً بقشور، لا يمسها نصب ولا فتور. والسالك في ذلك الطريق الوعر ينجذب بظلها، فيأوي إليها مخففاً عن نفسه بعض ما ناء بها من مشقة الطريق؛ فيرى الظل والراحة والنعيم؛ فيتمنى لو أنام أيامه تحت ظلها؛ أو لو أن حياته القلقة تحتوي على مثل هذا الظل الذي تنحط عليه الشمس من كل مكان لتحرقه وما هو بمحترق؛ ولكن الإنسان ما أشقاه! ولوع بالسير ولكن إلى أين؟

هذه الشجرة آثرتها لي مثوى في أيام صيفي، لأنها تقصيني عن الناس وتدينني من نفسي؛ وما آثرته لجسدي منتقلاً كيف لا أوثره له يوم تغدو حقيقته ظلاً!. . .)

(خليل)

المسلك إليك وعر يا شجرتي!

وهأنذا قد سلكته

الطريق محفوف بالشوك

وهأنذا قد طرقته. . .

يقولون عنك (ضالة) لأنك آثرت هذه العزلة العميقة، وهذه الزاوية السحيقة

وينظرون إليك ساخرين لأنك تركتهم وملت إلى الانفراد.

كم يخشى الناس هؤلاء المعتزلين!

يرونهم فيقولون: ربنا لا تجعلنا من الضالين

اتضنين على من سلك الوعر إليك. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>