أبادر بتقديم اعتذاري الحار من مشهد الغيرة السخيف الذي مثّلته أمامك أمس!. . ومازلت أشعر بخجل شديد كلما فكرت فيه. . في الواقع لم يكن الذنب ذنبي، بل هو ذنب قلبي الضعيف؛ ولقد عاقبته على فعلته إذ عنفته تعنيفاً شديداً، ولكن هذا القلب قد يستحق أيضاً عطفك وحنانك، إذ هو آلة ليس غير في يد تلك القوة الجبارة القاهرة، قوة الحب! مسكين قلبي! إنه مطارد دائماً بنار حامية تدفعه إلى خلق مثل هذه الريب والظنون، ولكنها في الوقت نفسه نار طاهرة مثل نار المجوس، لأنها نار الحب المقدس! كم كنت غبياً في غيرتي تلك! فما الضرر في أنك تحدثت إلى س.! ألا تتحدثين إلى مئات من أمثاله كل يوم أثناء عملك؟ كذلك كان يجب عليّ أن أراجع نفسي فأقول إنه لا يهمك لأنك تبغضين مثل هذا النوع من الرجال المغرورين بجمالهم. فكم كانت ثقيلة متكلفة تلك الابتسامة التي علت شفتيه أثناء تحدثه إليك!
عزيزتي إذا كان قد أزعجك قليلاً ما بدر مني بالأمس، فإن ما حدث لي أنا فيه العقاب الكافي على فعلتي، إذ رأيت الهول ليلة أمس في حلم فظيع. .
شاهدتك في غابة عظيمة، لعلها من غابات الهند، لضخامة أشجارها وكثافة أدغالها. كنت تتنزهين فيها مع شاب لم أتبيّن شخصيته، لأنه لم يلتفت وراءه قط أثناء السير؛ أما أنت! فقد عرفتك من فوري يا عزيزتي، من شعرك الذهبي الرائع، من مشيتك الأنيقة التي تفردت بها دون نساء العالم أجمع!. . ولكن الغابة كانت أثناء هذا تحترق، والدخان الكثيف يتصاعد من كل مكان. . بادرتُ إلى مناداتك لتخرجي من الغابة، ولكنك التفت إلي دون أن تجيبني، كأنك لا تأبهين بالخطر المحدق، بل تؤثرين التنزّه مع ذلك الشاب وتفضلينه على كل شيء!. .
أردتُ أن أعدو نحوك لإنقاذك بالقوة، ولكن ساقيّ الملعونتين أبتا عليّ ذلك كأنهما تحجّرتا. . .
أما النار فقد أخذت تزداد عنفاً حتى اضطرت الوحوش إلى الهرب من الغابة، والمدهش في