للأسرة التيمورية فضل على الأدب عريق، فهم منذ أزمان بعيدة سدنة الأدب في هذه البلاد، يتوارثون ذلك كابراً عن كابر، ولا يفتئون يضيفون إلى المكتبة العربية الذخائر والكنوز، ويقدمون لها الآثار الجليلة النافعة. . . ونحن اليوم بصدد الحديث عن أثر من هذه الآثار التي تغمر الأدب العربي الحديث، وهو تمثيلية (كدب في كدب) التي تعرض الآن بدار الأوبرا الملكية، وتنهض بها فرقة المسرح المصري الحديث.
والذي يبدو من وراء سطور هذه المسرحية، أن الأستاذ الجليل محمود تيمور بك ألفها من جراء أزمة قامت بنفسه بفعل قوم أنكروا ما أسدى إليهم من أياد بيضاء، وجزوه عليها جزاء ستمار!! وأغلب الظن أنه لم يكن يعني بشخصية (فواز بك) في هذه المسرحية سوى نفسه، وإن تعمد إخفاء بعض الملامح وتغيير بعض السمات! فإن (فواز بك) رجل سمح طيب الخلق، وتلك خلال نعرفها ويعرفها الناس جميعاً على الأستاذ محمود تيمور بك، نهض بما توجبه المروءة وما يقتضيه الخلق القويم الكريم، فكان جزاؤه العقوق والجحود والنكران، ولكن الأستاذ محمود تيمور بك - خشي فيما بينه وبين نفسه - أن يحس الناس ذلك، وغلبه حياؤه المعروف، فأسرع إلى طمس بعض المعالم لكي ينصرف الناس عنه! ولهذا فإن الفطن اللبيب يستشعر شيئاً من التناقض في شخصية (فواز بك)، ولكن إذا ظهر السبب بطل العجب!
ولا تقوم فكرة المسرحية على هذا المعنى، ولكنها تقوم على فكرة أن الكذب قد ينتهي إلى الصدق، ورب جد ساقه اللعب! فهما شاب وشابة تعرف كل منهما إلى صاحبه في صورة لا تمثل حقيقته، فالشاب فقير يظهر لها الغنى الطائل والثروة العريضة، وهي كذلك تماماً! واستمرت العلاقة بينهما على أساس هاتين الصورتين الزائفتين، ولكن كل خاف سيعلم! وحبل الكذب قصير! وإذا بالحقيقة تنكشف لهما، ولكن الحب كان قد سبق هذه الحقيقة إلى