للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شعراء من أشعارهم]

عدي بن زيد العبادي

للأستاذ محمود عبد العزيز محرم

تتمة البحث

فأنت ترى عدياً في القصيدة السابقة قد ذكر الأكاسرة والقياصرة، وذكر قصة رب الحضر، وذكر قصة رب الخورنق، وهو يعرف أنهم جميعاً قد ذهبوا، وألوت بهم الأيام كما تلوي ريح الصبا وريح الدبور بالأوراق الجافة، وقد كانت زاهية يوما، يانعة يوماً، جميلة مبهجة للنفوس والقلوب يوما، وهذا هو ديدن الأيام، فمن يبقى على الدهر، ومن خلدته المنون؟

والحضر كان قصراً بين دجلة والفرات، وأخو الحضر الذي ذكره عدي هو الضيزن بن معاوية ملك تلك الناحية وسائر أرض الجزيرة حتى بلاد الشام. وقد أغار فأصاب أختا لسابور الجنود، وفتح المدن، وفتك بها. ثم إن سابور جمع له، وسار إليه، وأقام على الحضر أربع سنين لا يستغل منهم شيئاً، حتى دلته النضيرة بنت الضيزن - وكانت صبيحة الوجه جميلة، وأحبت سابور حين رأته وأحبها - وأعانته، ففتح المدين وقتل الضيزن يومئذ

والخورنق قصر النعمان بن الشقيقة. وسبب بنائه أن يزدجرد بن سابور كان لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل مرئ صحيح من الأدواء والأسقام، فدل على ظهر الحيرة. وكان عامله في الحيرة على أرض العرب النعمان بن الشقيقة. فأمره أن يبني الخورنق مسكناً له ولا بته بهرام جور وينزله إياه معه. وكان الذي بنى الخورنق رجلاً يقال له (سنمار)، فلما فرغ من بنائه عجبوا من حسنه وإتقان عمله، فقال لهم لو علمت أنكم توفوني أجرتي وتصنعون بي ما أستحقه، لبنيت بناء يدور مع الشمس حيثما دارت، فكرهوا منه تقصيره وأمروا به فطرح من أعلى الجوسق

وقد تناول الشعر قصة سنمار هذه، وضربه مثلا للرجل المجحود الفضل المنكر الجميل، فقال أبو الطمحان القيني:

جزاء سنمار جزوها، وربها ... وللات والعزى، جزاء المكفر

<<  <  ج:
ص:  >  >>