للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

مشكلتي مع الأستاذ الزيات:

في لأسبوع الماضي ظهرت تعقيبات في صفحتين، وكان من المقرر أن تظهر في صفحات ثلاث، ومعنى هذا أن الصفي الثالثة قد تعرضت لقلم الرقيب، والرقيب هنا ليس إدار المطبوعات. . ولكنه الصديق الكريم الأستاذ الزيات!

كانت الكلمة التي حذفها قلم الرقيب هجوماً عنيفاً على أحد الوزراء. ومن الطرائف التي تدخل في باب المفارقات، أن الأستاذ الجليل صاحب الرسالة قد أنكر على أن أهاجم وزير واحداً، في وقت الذي لنفسه أن يهاجم خمسة وزراء. خبطة واحدة!!

لماذا أباح لنفسه أن يحاسب عدداً وافراً من أصحاب المعالي ثم حال بيني وبين صاحب معال واحد؟! هنا تكمن المشكلة مشكلتي مع الأستاذ الزيات، أو مشكلة وضعه الذي يفترق عن وضعي في محيط الأدب أو محيط الحياة. . إن الصديق الكريم رجل آثر الحية فابتعد عن الوظائف الحكومية، مثل هذا المجال الحر يستطيع الأديب أن يقول ما يشاء، وأن يهاجم من يشاء، وهو مطمئن إلى أن مركزه الاجتماعي لن يتعرض يوم لعصف الرياح. . أما أنا، أنا الموظف الرسمي في الدولة، فيا طالما أشفق على الصديق الكريم من حماسة الشباب وفورة الشباب وما يترتب عليهما من عنف القلم وجيشان العاطفة. يا طالما أشفق على من قيد الوظيفة حين أكافحه بجرأة القول وحرية الرأي وثورة الضمير. . ناسياً أن صداقته الغالية، تلك التي تحرص على التقاط الشوك من جوانب الطريق، طريقي الذي أفضل أن أسير فيه، هي وحدها الذي يحد في قوة التحفز وحرارة التوثب ومتعة الانطلاق!

إنها مشكلة لم تحل. . وكيف تحل والأستاذ الزيات نشفق مما قد يحدث لي وأنا مشفق منه، حريص على مستقبلي الرسمي وأنا غير حريص عليه؟! إن كل موظف يقرأ الرسالة سيسمح لألف علامة من علامات الدهشة أن ترتسم على وجه، وهو يسمع هذا التصريح العجيب من موظف مثله يقاسمه حظاً من حظوظ الحياة. . وليس من شك في أنه سيقول لنفسه بلغة الواثق المطمئن: لو كان صاحب التعقيبات محتاجاً إلى الوظيفة لما جهر بهذا الذي جهر به، لما أذن لقلمه في أن يعبر كما يريد. . ومن يدري، فقد يحلق الزميل القارئ

<<  <  ج:
ص:  >  >>