للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفلسفة الشرقية]

بحوث تحليلية

بقلم الدكتور محمد غلاب

أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين

- ١٦ -

سامكهيا:

عاش الحكيم (كابيلا) مؤسس هذا المذهب في القرن السادس قبل المسيح كما يظن أكثر الباحثين المدققين. وقد نشأ هذا الظن عندهم من أن أقدم النصوص التي تحدثت عنه وعن مذهبه ترجع إلى القرن الخامس قبل المسيح، وأنه قد عثر في هذا المذهب وفي المذهب البوذي على تأثرات قوية متبادلة بين المذهبين بالتساوي مما يدل على أنهما متعاصران تقريباً لا سيما إذا كان بعض تلك النقط المتشابهة واضح الأصلية في أحدهما والحداثة في الثاني، والبعض الآخر على العكس من ذلك تماماً.

سمي هذا المذهب (سامكهيا) لقوله بالتعدد الذي لا يتناهى في النفوس، وهو على الأصح مذهب إلحادي لا يقول بإله مسيطر متصرف في الكون، وهذه إحدى النقط التي يلتقي فيها مع البوذية التي صورتها لنا نصوص العصر الذي تلا عصر (بوذا) وبعبارة أدق: لعلها إحدى النقط التي تأثرت فيها البوذية بعد موت زعيمها بمذهب (سامكهيا) الإلحادي الذي لا يشك باحث في أن الإلحاد متأصل فيه.

يرى صاحب هذا المذهب أنه لا يوجد للكون إله قدير منفرد بالتصرف فيه، وإنما يرى أن هناك روحا عاماً أو عالماً من الأرواح غير محدود ولا متناه، متشابه الوحدات، وأن هذه الوحدات بتكاتفها مع المادة هي التي تحدث في الكون هذه الآثار وتلك التغيرات على النحو الذي يفصله فيما بعد، وهو يرى كذلك وجود عالمين هما في الحقيقة والأزلية والأبدية سواء. وهما: النفس، وتسمى بالهندية: (بوروشا) والمادة، وتسمى: (براكربيتي). وهذان العالمان لا يتفقان في أي شيء آخر عدا الحقيقة والأزلية والأبدية. ومع ذلك، فان بينهما صلة قوية، لأن مجاورة النفس للمادة هي التي تكسبها الحركة التي هي منشأ كل النتائج

<<  <  ج:
ص:  >  >>