المالحة. إن الشعراء يقتبسون من البحر غروره، وهل البحر إلا أشد الطواويس غروراً؟ فهو حتى أمام أقبح الجواميس يدحرج أمواجه ويبسط أطالس مراوحه وأطراف وشاحه المفضض فيحدجه الجاموس بنظرات الغيظ لأن روحه المقتربة من الشاطئ لا تزال ملتصقة بمعلفه ومرعاه فما يبالي بالجمال وبالبحر وببهاء الطواويس. هذا هو المثل الذي أضربه للشعراء. والحق أن فكرهم لطاووسٌ مغرور بل هو بحر من الغرور. ففكر الشاعر يطلب مَنْ يشاهده حتى ولو كان المشاهد جاموساً.
لقد أتعبني هذا الفكر وسوف يأتي زمان - وهو قريب - يتعب فيه هذا الفكر من ذاته.
رأيت بعض الشعراء يتحولون عن الشعر ويوجهون النقمة إلى ما كانوا عليه، ورأيت من يقدَّمون كفّارة للفكر، وما نشأ هؤلاء المكفَّرون عن الضلال إلا بين الشعراء.