السلام عليكم ورحمة الله وبعد، فإنني لم أرد أن ادخل بينك وبين الأستاذ شاكر فيما شجر بينكما من خلاف، حتى ينتهي إلى غايته كما ينتهي. . ذلك إنني كنت حريصاً على ان ادعك ورأيك، وإلا أبدأ تعافي بك في زحمة الجدل. وان أظن أخونا شاكر إن بيننا صحبة وثيقة هي التي تدفعك إلى رد تهجمه أو تقحمه، حتى لقد أنذرنا معاً عداوة يوم القيامة:(الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو)، لان مألوف الناس قد جرى في هذا الزمن الصغير، على إن الحق وحده، أو الرأي وحده، لا يكفي لان يدفع كاتباً فيكتب، دون هوى من صداقة أو علاقة!
ولو كانت معرفة بيننا سابقة، ولو استشرتني قبل أن تدخل مع صاحبنا في جدل؛ حول ما أثاره من صخب، وما نفضه من غبار، لأشرت عليك إلا تدخل، ولآثرت لك ما آثرته لنفسي من إغفال وإغضاء. . ذلك إنني لم استثمر في هذا الضخب الصاخب أثراً منصفاء نية ولا رغبة في تجلية حقيقية. ولو استثمرت شيئاً من هذا ما تركت صاحبي دون أن أجيبه - على الأقل من باب الأدب واللياقة - ولكنني اطلعت على أشياء، ما كان يسرني والله أن اطلع عليها في نفس رجل ربطتني به مودة أصفيتها له في نفسي، بعد ما كان بيننا من جدل قديم يعرفه قراء الرسالة عام ١٩٣٨، وما أزال أرجو أن أكون مخطئاً فيما أحسست به، وان تبقى لي عقيدتي في ضمائر الناس، وفي الخير الذي تحتويه فطرتهم.
ولو كانت الحقائق هي المقصودة، لما احتاج الكاتب الفاضل إلى استطاع مثل هذا الأسلوب الصاخب المقرقع؛ ولما لجأ منذ مقاله الأول في (المسلمون) إلى الشتم والسب والاتهام بسوء النية وسوء الخلق والنفاق والافتراء والسفاهة والرهونة. . إلى آخر ما خاضه - ويغفر الله له فيه - فدون هذا وتعالج أمور النقد العلمي، وبغير هذا الأسلوب يمكن تمحيص الحقائق.
إنه لا معاوية، ولا يزيد، ولا أحد من ملوك بني أمية قد اغتصب مال آبي أو جدي، أو قدم إلى شخصي مساءة ولا إلى أحد من عشيرتي الأقربين أو الأبعدين. . فإذا أنا سلكت في بيان خطة معاوية في سياسة الحكم وسياسة المال، وخطة الملوك من بعده (فيما عدا الخليفة