في إحدى مدى الشاطئ الأغريقي، كانت تعيش أميرة جميلة تدعى (داناي)، هي وابنها الوحيد الجميل برسيوس، الذي كتب عليه أن يحرم من صدر والده الحنون، ذلك الوالد الذي طوحت به أسفاره، فشط مزاره، ولم يعد أحد يعرف أين انتهى قراره
ولقد كان هذا الوالد - فيما يظهر - على جانب عظيم من البأس وقوة الجانب، حتى لقد فرح أهل المدينة لبعده فرحاً شديداً؛ ولخوفهم من أن ينشأ طفله برسيوس على وتيرته، تآمروا فيما بينهم على نفيه هو وأمه من جزيرتهم في زورق صغير يدفعون به إلى اليم، والأمواج المتلاطمة كفيلة، ثمة، بإجراء حكمها فيهما. .
يا للوحوش! لقد أنفذ الأشقياء تدبيرهم؛ وتناوحت الأمواج حول الزورق تقذف به ها هنا وهاهنا، والأم المسكينة تغالب أحزانها وتنسى مخاوفها، فتغني لطفلها الراقد في حضنها، وتدلله كي ينام، وكي يكون بنجوة من فزع هذا البحر المصطخب
وبعد أن كان الموت المحقق قاب قوسين من هاتين الفريستين، وبعد أن كانت كل موجة تشق للزروق قبراً في أعماق الماء، شاءت العناية أن تسخر موجة هائلة تدفع به، في هوادة ورفق، إلى ساحل جزيرة نائبة في وسط المحيط. وهناك، نزلت الأم الموهونة متهالكة على نفسها، حاملة وديعتها البريئة، شاكية إلى الآلهة صنع الإنسان بالإنسان، ولمحت في الأفق قرية متطامنة، فيممت شطرها، وما فتئت تتعثر في خطاها حتى بلغتها والشمس تتوارى بالحجاب
ورحب الناس بالضيفين البائسين، لأن دينهم كان يأمرهم بإيواء أبناء السبيل، وإكرام الغرباء واللاجئين؛ فعاشا ناعمين، وشب برسيوس سليما من الآفات، مكتنز العضلات، بادي الفتوة، موفور القوة، عذب اللسان، مشبوب الجنان، وأحبه الناس وأعجبوا به، والتف