للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مسابقة الأدب العربي]

٢ - ديوان أيدمر المحيوي

للدكتور زكي مبارك

حياة الشاعر

في الأخبار التي جمعها الأستاذ أحمد نسيم - وهي على قلتها كل ما يمكن الوصول إليه في هذا الوقت - سكوت عن العمل الذي كان يتعيش منه هذا الشاعر المجيد، فلم يكن كاتب إنشاء كما كان البهاء، ولا كان يتولى إدارة أحد الدواوين، كما كان يتفق لبعض الشعراء

والظاهر أنه كان يتكسب بشعره، كما تدل الأبيات الآتية، وهي من قصيدة يمدح بها الملك الكامل، ويذكر ظفره بالفرنج يوم قصدوا دمياط:

أشكو الخمول إلى علاك فإنني ... فيما أقول لمحسنٌ ومجوِّدُ

أُبدي البديع ولا يزال ظلهُ ... ظلي ومنه ما يسوء ويكمد

إن القريض وإن تكاثر ساكنوِ ... أفيائه للعبدُ فيه الأوحد

لكنه أدناهمُ قدراً إذا ... وردوا وأغلاهم إذا ما أوردوا

ومعنى هذا أن الشعر نفع من ليسوا في مثل منزلته من الفصاحة والبلاغة، وأنه برغم براعته ظل من الخاملين

وهنالك أبيات حزينة نص فيها على رضاه بالمقسوم له من دنياه، مع أنها في قصيدة مديح، وهي قوله بعد التشبيب:

لم تعطني الأيام مطلب همتي ... من رفدها فأخذت ما تعطيني

ورأيتُني سخطي يدوم إذا أنا ... لم أرض إلا بالذي ترضيني

حالٌ لعمرُك دون قدري إنما ... أرضى بها نظراً إلى من دوني

وهي أبيات في غاية من النفاسة، ومنها نعرف أنه كان مقلقل الحياة بين العطاء والحرمان

الغزل والتشبيب

المختارات التي بقيت من ديوان أيدمر تدل على أمرين: الأول أنه لم يكن يبدأ جميع قصائده بالنسيب، كما كان يصنع اكثر الشعراء، وهو مذهب حاربه المتنبي حين قال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>