للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أين كنا وأين صرنا؟]

للأستاذ نقولا الحداد

كنا قبل عصر برنادوت لا نقبل دولة إسرائيل المزعومة ولا حديث لنا إلا عروبة فلسطين فإذا بنا الآن لا لنا إلا الهدنة. وكل يوم نذهب إلى مجلس الأمن باكين ناحبين صارخين: (اليهود خرقوا الهدنة). نسنا مشروع التقسيم ونسبة اليهود أيضاً. نحن رضينا بالهدنة الدائمة، واليهود لم يرضوا بالهدنة المؤقتة. الهدنة علينا لا عليهم. الهدنة لهم لا لنا.

لنا وفود سبع دول رسمية في مجلس الأمن وليس لليهود وفد واحد رسمي، لأن دولة إسرائيل لا تزال مزعومة، وقد نسينا مشروع التقسيم الذي كنا نجحده ونرفضه رفضاً باتاً وأصبح همنا الآن هل نقبل مشروع برنادوت أو نقبل هدنة بونش الأبدية التي تسمى صلحاً.

أن مصيبتنا هذه جاءت أولاً وأخراً من الإنجليز - فتباً لها من دولة فاسقة مارقة.

كان جيشنا المصري على أهبة أن يحتل تل أبيب؛ وإذا اليهود يستغيثون لأنهم أصبحوا على شفا الهلاك، فأنجدهم مجلس الأمن بأن أقترح هدنة ٣٦ ساعة، وإذا المندوب الإنجليزي كادوجان يقول لا ٣٦ ساعة لا ماذا تنفع؟ يجب أن تكون الهدنة ٤ أسابيع. وإذا بها صارت أسابيع، لأن إنجلترا تهددت بأنه إذا كان العرب لا يقبلونها فيحرمون السلاح فقبلوها ولا سلاح واليهود لم يقبلوها وهم يخرقونها كل يوم وهم طلبوها لكي يقبلها العرب ويخرقوها هم. وهكذا كان.

وانتهت الأربعة أسابيع ولكن اليهود لم يبلغوا كل مأربهم فالتمسوا تجديدها فجددها لهم برنادوت هدنة دائمة. ففعلوا فيها ما شاؤوا لمصلحتهم حتى إنهم قتلوا برنادوت لأنه ارتأى أن يكون النقب للعرب وهم لا يريدون أن يبقى شيء للعرب حتى ولا بقعة الرمل هذه.

ففي الهدنتين جاءتهم الأسلحة من كل ناحية حتى صاروا في مأمن والعرب صابرون ويقولون لا نقبل إلا عروبة فلسطين ودولة فلسطين العمومية ولا دولة لإسرائيل. وبنو إسرائيل يصادقون على هذا القول بالقول. ولكنهم بالفعل هم على غير هذا القول. والإنجليز يقولون لنا: لا بأس، أقبلوا هذه الهدنة الدائمة واعتبروها صلحاً، ولكن لا توقعوا على شروط صلح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>