للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للتاريخ السياسي]

المفاوضات وتأثير ألمانيا فيها

للدكتور يوسف هيكل

(تعقدت المشكلة التشيكوسلوفاكية في شهر أغسطس (آب) سنة ١٩٣٨ وأخذ تعقدها يزداد حتى كادت تفجر قنبلة الحرب العالمية. غير أنه لا يزال هناك أمل في إيجاد حل لهذه المشكلة عن طريق المفاوضات بين الحكومة التشيكوسلوفاكية وممثلي حزب السوديت. وبعرضنا لها نتكلم عن المناورات الحربية الألمانية ومهمة اللورد رنسيمان، ونبين تطورات المفاوضات، ونذكر تأثير خطاب الهر هتلر على مسيرها.)

غادر اللورد رنسيمان لندن إلى براغ في أغسطس (أب)، موفداً من الحكومة البريطانية بالاتفاق مع الحكومة الفرنسية، ليكون وسيطاً بين حكومة براغ وحزب السوديت. وكانت مهمته بذل الجهود لمنع فشل المفاوضات السائرة بين الدكتور هودزا رئيس حكومة تشيكوسلوفاكيا، وممثلي الهر هنلاين رئيس حزب السوديت. وفي حالة فشل هذه المفاوضات أعد اللورد رنسيمان مشروعاً من عنده، يوفق به بين وجهتي نظر الفريقين المتنازعين، ليضمن السلام ويبعد شبح الحرب العامة، الذي كان يحوم في جو أوربا الوسطى.

ولما أخذ اللورد رنسيمان يدرس الوضعية في تشيكوسلوفاكيا، جابهت ألمانيا العالم باستعداداتها الحربية الهائلة التي دعتها مناورات اعتيادية تاريخ ابتدائها ١٥ أغسطس (آب).

وفي الواقع كانت التعبئة، أي التجنيد، لهذه المناورات تعبئة عامة أقلقت الدوائر السياسية واضطرب منها الرأي العام. إذ صدرت الأوامر بتعبئة جميع الأطباء والممرضات. وتلقى الرجال القادرون على حمل السلاح والذين لم يدعوا إلى الخدمة حتى ذلك الوقت، الأمر بأن يكونوا في كل وقت مستعدين لتلبية أوامر السلطات، وحظر على كل ألماني دون الخامسة والستين من العمر مغادرة ألمانيا إلى بلد آخر. وألغيت جميع إجازات العمال في السكك الحديدية، وأبطلت معظم قطارات السفر لإفساح المجال للقطارات العسكرية، وصادرت السلطة معظم سيارات (الباصات) (أتوبوس). وأخذت إنشاءات الطرق نحو

<<  <  ج:
ص:  >  >>