للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحدود التشيكوسلوفاكية تسير بسرعة عظيمة، وإقامة القلاع على ضفاف الرين وإتمام خط (سيكفريد) المواجه لخط (ماجينو) تجري بسرعة لم يسبق لها مثيل. ثم أرسلت الجيوش إلى حدود تشيكوسلوفاكيا، واحتلت القوى العسكرية قلاع الرين والثكنات المواجهة للحدود الفرنسية.

وكان الغرض من هذه الاستعدادات الحربية الهائلة، غرضاً سياسياً هو التأثير على سير المفاوضات بين حكومة تشيكوسلوفاكيا وممثلي حزب السوديت، والتهويل على حكومتي لندن وباريس، لتفسحا المجال لتحقيق المطالب الألمانية.

في هذا الجو الصاخب سارت المفاوضات بين الدكتور هودزا، والهر هنلاين. وكان الأول، أي رئيس الوزارة التشيكوسلوفاكية يستند في موقفه إلى تحالفه مع باريس وموسكو، وإلى التحالف العملي بين لندن وباريس. وكان الثاني أي رئيس حزب السوديت يستند إلى الهر هتلر. وكل منهما كان يعتقد أنه الأقوى، وكل منها كان يريد من الآخر أن يتراجع عن موقفه. ولهذه انقطعت المفاوضات مراراً، ولم تستأنف إلا بفضل جهود اللورد رنسيمان وتسامح الحكومة التشيكوسلوفاكية. ورغم ذلك كانت نهايتها فشلا تاما. وإننا لذاكرون أهم تطوراتها:

قدم حزب السوديت الألماني مذكرة إلى حكومة براغ، في ٧يوليو (تموز) الفائت، وعرض فيها الدخول في مفاوضات على أساس تحقيق المطالب التي جاء ذكرها في المذكرة وهي لا تختلف عن المطالب الثمانية التي أعلنها الهر هنلاين في خطابه الذي ألقاه في كارلسباد في ٢٣ ابريل (نيسان) سنة ١٩٣٨. وكانت الحكومة حينئذ آخذة في وضع نظام الأقليات، وفي ٩ يوليو (تموز) اجتمع الدكتور هودزا مع مندوبي الهر هنلاين وباشروا المفاوضات. وفي ١٥ منه صدر بلاغ رسمي مشترك يشير إلى أن الاتفاق تم على أن تكون مذكرة السوديت ونظام الحكومة بشأن الأقليات بمثابة أساس مفاوضات بين الحكومة والسوديت.

سارت المفاوضات، وكان يحضرها مندوبو الأحزاب البرلمانية في تشيكوسلوفاكيا، فظن الرأي العام أن الطرفين واصلان إلى نتيجة إيجابية تؤدي إلى الوفاق بينهما وزوال خطر الحرب العالمية.

ولكن بينما كانت المناورات الحربية الألمانية على أشدها، والرأي العام متجه نحوها، أعلن

<<  <  ج:
ص:  >  >>