قلنا في كتاب (الصديقة بنت الصديق) أن السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تروي كثيراً من الشعر. . . (وكانت تحفظ من شعر عروة بن الزبير نفسه وتسوق الشاهد منه في موقعه، كما قالت وهي ترى النبي عليه السلام يتندى عرقاً في يوم قائظ وقد جلس يصلح نعله: لو رآك عروة لكنت المعنى بقوله:
فلو سمعوا في مصر أوصاف خده ... لما بذلوا في سوْم يوسف من نقد
لواحى زليخا لو رأين جبينه ... لآثرن بالقطع القلوب على الأيدي
إلى آخر ما جاء في ذلك الكتاب
وقد رأينا في العدد الأخير من مجلة الثقافة كلاماً بتوقيع (أحمد محمد شاكر) يقول فيه:
(أما هذه القصة فقد أطلت البحث عنها في المصادر المحترمة من كتب الحديث والسير والتاريخ حتى أتعبني البحث، ثم لم أجدها. وهذا النوع من الكاتبين لا يتورعون عن تكذيب الأحاديث الصحيحة المروية في كتب السنة الصحاح والتي رضيها أهل العلم بالحديث: يكذبونها إذا لم توافق أراءهم وما يدعون إليه من نظريات يتناولون فيها قواعد الإسلام، ويزعمون أنهم يتبعون بذلك ما يسمعونه طرق النقد الحديث، ثم يحكون عن رسول الله وعن أصحابه الأكاذيب لا يرون بحكايتها بأساً وينسبونها إليهم نسبة جازمة، كأنها من الحديث الصحيح لا يتحرون ولا يبحثون، إنما هو سواد في بياض، يضل به الناس وهم يشعرون أو لا يشعرون. . . أنا لا أجيز لنفسي أن أتهم الكاتب الجريء بأنه اخترع هذه القصة من عند نفسه، ولكني أظن أنه رآها في كتاب من كتب السمر. . .)
إلى أن يقول:
(الذي نعرفه من التاريخ الصحيح في أمر عروة بن الزبير أنه ولد في آخر خلافة عمر سنة ٢٣ وقيل بعد ذلك. . .) إلى غير ذلك من أشباه هذا الكلام الذي يتم قليله على كثيره
وكان بودنا أن ننقل هنا كلمة الكاتب بحذافيرها لتشهد عليه وعلى طويته وبواعث نقده، لولا أننا نطيل في غير طائل. وإن الاجتزاء بما نقلناه كاف للدلالة على دخائل الصدور وكوامن النيات.