للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

خصومة لا عداوة

رأى جماعة من كبار المفتشين وهم الأساتذة جاد المولى بك ومحمد علي مصطفى ومحمود محمد حمزة ومصطفى أمين وأحمد علي عباس، رأى هؤلاء الأكابر بأخلاقهم وآدابهم أن أقف الجدال الذي أثَرتُه في وجه الأستاذ السباعي بيومي، وحجتهم أنه وصل إلى درجات من العنف تؤذي كرامة المشتغلين بخدمة اللغة العربية

وأنا أجيب هذه الدعوة، لأنها أول دعوة كريمة صدرتْ لكفّ الشر بيني وبين من أخاصمهم بقلمي لا بقلبي، فلم أسمع مثل هذا الصوت يوم خاصمتُ رجالاً أعزّاء لم يكن يسرني أن يفصم القلم ما بيني وبينهم من عهود

وإنصافاً لنفسي أقول: إني كتبت ما كتبت وأنا أبتسم. فأنا قد أُخاصم، ولكني لا أعادي. فما استطاعت الدنيا بأحداثها الفواتك أن تضيفني إلى أرباب الضغائن والحقود، وإلا فما هي البواعث التي تفرض أن أخص الأستاذ السباعي بالعداء وهو صديق قديم؟

أنا أُتهم بالقسوة والعنف بغير حق، فما كان من همي في كل ما أثرت من المجادلات إلا إيقاظ الروح الأدبي واللغوي. أما إيذاء الأدباء والباحثين فهو معنى لا يمر بخاطري، لأني أرجو دائماً أن يكون الهدم على عنفه من صور البناء

كان سبب الخلاف هو تبرئة الشيخ المرصفي من تهمة الغرور فما يكون الرجل مغروراً إلا حين يدعي ما لا يملك، والمرصفي من أقران المبرد، وجهد المرصفي في شرح الكامل قد يكون أعظم من جهد المبرد في تأليف الكامل، وستُعرف هذه الحقيقة يوم يقام في هذه البلاد موازين صحيحة لأقدار المفكرين في القديم والحديث. . .

أنا أديت واجبي في صيانة سمعة الشيخ المرصفي، فماذا صنع تلاميذ هذا الإمام الجليل، وفيهم أحمد حسن الزيات، ومحمود حسن زناتي، وعلي عبد الرزاق، وطه حسين؟

ولكن كيف يصنع أولئك الأساتذة في البر بذلك الإمام الجليل. . .؟

أنا أدعوهم إلى تأليف لجنة أدبية يكون عملها إنقاذ مؤلفات الشيخ المرصفي من الضياع. وأخص بالعناية شرح المرصفي على (أمالي القالي) فقد أخذ من وقت شيخنا العظيم سبع سنين، وهو لا يقل عظمة عن شرح الكامل، وقد يفوقه في أشياء

<<  <  ج:
ص:  >  >>