في يوم السبت الماضي ٣٠ من شهر نوفيمبر سنة ١٩٣٥ احتفل الأدباء في أغلب أقطار الأرض بانقضاء مائة عام على مولد الكاتب العبقري الأمريكي الفكه مارك توين. ومَن من الناس لا يحي ذكرى مؤلف:(مخاطرات توم ساوير)، و (هيلكبري فن)، و (الأمير والشحاذ) وغيرهما من القصص التي استهوت قلوب الصغار لفكاهتها وطرافتها، وعقول الكبار لحكمتها وبلاغتها؟ أن الذين قرأوا مارك توين قد علموا بعض العلم عن الرجل، لأنه انما يتحدث في الغالب عن نفسه او عن ذويه في قصصه؛ وقد روى ذكريات طفولته في تلك المخاطر التي عزاها إلى أولئك الأطفال الذين عاشوا على ضفاف (المسيسبى)؛ وليست العمة الشهيرة (بولي) في قصته (توم ساوير) إلا أمه. ولعلنا نستطيع أن نزيد في هذا العلم شيئاً بحكاية تاريخ حياته المضحكة المبكية المملوءة بالمخاطر والأحداث والطرف، فانها في ذاتها لا تقل امتاعا للقارئ عن سائر كتبه
فى ٣٠ نوفمبر سنة ١٨٣٥، وفى قرية (فلوريدا) بولاية (ميسوري) ازدادت أسرة المحامي (جون كليمانس) واحدا بولادة طفل خامس سموه (صمويل)، ثم صار بعد حين من الدهر (مارك توين)؛ وكان يؤكد أنه لم يكد يولد حتى وجد له محلا بين عظماء الناس، لأن ولادته زادت في عدد قريته واحدا في المائة، إذ كان تعداد سكانها مائة بالضبط
وفي سنة ١٨٣٩ عين أبوه العابس القاسي قاضياً في (هانيبال) على شواطئ المسيسبي فلحقت به أسرته، وهناك قضى صمويل شطرا من طفولته. وكانت الطباع في ذلك البلد شرسة، والأخلاق منحلة؛ فالمقامرة والمعاقرة والعراك والقتل أمور مألوفة وحوادث فاشية، وصمويل قد شهد بنفسه أربع حوادث من حوادث القتل، وقد اختزن في ذاكرته جملة من مشاهد هذه الحياة وصفها في مؤلفاته. وكان في هانيبال عدد وفير من العبيد؛ وكان لأسرة كليمانس منهم ثلاثة أعبد جاءت بهم أم صمويل مهراً لأبيه. وكان هؤلاء المساكين يحبون