للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شاعر السودان]

للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري

بقية ما نشر في العدد الماضي

إذن فشعر العباسي هو شعر الفخامة والجزالة والموسيقى العربية الأصيلة ذات الإيقاع الكلاسيكي والرنين البدوي العنيف الذي يعيد لنا تارة صوراً من شعراء بني العباس وأخرى من شعراء الأمويين الذين عاصروا الخلفاء الراشدين وعمروا حتى أوائل الدولة التي اتخذت دمشق عاصمة لها.

على أنني وقد قرأت الديوان بإمعان رأيت ناحيتين مهمتين تطغي على شعره وهما:

١ - حبه لمصر:

عرفنا أن الشاعر جاء إلى مصر في مطلع حياته ودخل المدرسة الحربية في القاهرة ليعد نفسه حامياً لسياج الوطن، وعلمنا أيضاً أنه مكث فيها مدة سنتين وكان آنذاك طري الإهاب، ندي العود، في فجر شبابه الريان فلذلك لم تعجب إذا ما ظل وفيا إلى الديار التي أبلى فيها بعض سني شبابه، ولا نستغرب منه حنينه إلى معاهد شبيبته ورفاق صباه؛ خاصة بعد ما ترك فيها أستاذه الشيخ زناتي الذي كان له الفضل الأكبر في توجيه وتثقيفه، لذلك نسمعه يقول فيها:

مصر وما مصر سوى الشمس التي ... بهرت بثاقب نورها كل الورى

ولقد سعيت لها فكنت كأنما ... أسعى لطيبة أو إلى أم القرى

وبقيت مأخوذاً، وقيد ناظري ... هذا الجمال، تلفتاً وتحريرا

ووقفت فيها يوم ذاك بمعهد ... كم من يد عندي لن تكفرا

دار درجت عال ثراها يافعاً ... ولبست من برد الشباب الأنضرا

ثم يسترسل في وصف ربى مصر ومغانيها ورياضها وطيب هوائها العليل:

فهنا يسكب الشاعر ألمه الذي يحس به منذ فارق مصر وفرحة بالعودة إلى الذي أحبه وعقد عليه رجاءه ورجاء شعبه الكريم لذلك يهتف في مدح (ملك الوادي) من منبعه إلى مصبه

أقوى المالكين عزيمة ... وأسدهم رأيا، وأكرم عنصراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>