فأقام من صرح العروبة ركنه ... مذ قام فيها منذراً ومبشراً
ثم يقول
مولاي يا زين الملوك ومن غدت ... مصر به زين العواصم والقرى
علمت جاهلها وعلت فقيرها ... وسقتهمو يمنى يديك الكوثرا
بوركت من ملك وبورك عهد ... ك الميمون ما أبها سناه وأبهرا
انضر إلى السودان نضرة مشفق ... فلقد أمض زمانهم وتنكرا
وهمو بعرشك لائذون ومالهم ... إلاك من يذر العسير ميسرا
فلذا تراهم كالعطشان تطلعوا ... بالدو يرتقبون مزنا ممطرا
ثم يصرخ صرخته الموجعة فيشرح لملك النيل حال شعبه وما فعل به المستعمر البغيض من تفرقة الصفوف وسجن الأحرار وخنق الحريات وكم الأفواه فيقول:
ضربوا بأقفاص الحديد عليهم ... مثل الذي فعلوا بآساد الثرى
صبروا لها صبر الجبال رواسياً ... وسروا وما ملوا مغالبة السرى
وسهرت أحدوهم بذكرك دائماً ... وحدي وأشدو بلبلا أو مزهر
حتى لصغت كل أذن منهمو ... قرطاً وكنت فريده المتخير
ونراه في قصيدة أخرى يتشوق فيها إلى عهد الشباب الذي قطعه في مصر وهو ناعم البال مستريح القلب فيقول:
هل إلى مصر رجعة وبنا ش ... رخ شباب غض وزهرة عمر
وليال قد أشرقت في رباها ... كلها في الأقدار ليلات قدر
ومكان كأن كل نسيم ... ناشر في أرجائه طيب النشر
يبهر العين منه مرأى أنيق ... من مروج قيد النواضر خضر
وهناك النسيم يبعث بالما ... ء، ويزري والورق للماء تغري
وهناك البهي من كل زهر ... وهناك الشجي من كل طير
بقعة شاكلت هوى كل نفس ... فصبا نحو حسنها كل فكر
رب هل تلك جنة الخلد أدخل ... نا إليها أم تلك جنة سحر
كنت في ذلك الحمى ناعم البا ... ل خليا من كل قيد وأسر