ومادمنا قد ترجمنا للفتح بن خاقان صاحب مطمح الأنفس وقلائد العقيان، وقد بان لك من هذه الترجمة أن ابن بسام كان معاصراً للفتح، وأنهما يتشابهان من وجوه شتى أن لم يكن منها إلا أنهما كليهما تصديا للكلام على أدباء عصرهما وشعرائه لكفى؛ نقول مادام الأمر كذلك كان جميلاً بنا أن نردف ترجمة الفتح بترجمة ضريبه ابن بسام. . . .
وسيمر بك قربا ما نتعرف به سبب ذكرنا الشاعر أبا مروان الطُّبْني مع ابن بسام في ترجمة واحدة. . .
(ثم وإما بعد) فإنا إلى هذه اللحظة التي تترجم فيها لابن بسام لم نعثر على ترجمة قد عقدها له وأفردها للقول عليه، وإن كان مؤرخو الأندلس وغير الأندلس كثيراً ما ينقلون عن هذا الأديب كعمدة لهم، وثبت فيما يعالجون من تاريخ أدباء الأندلس، حتى أن المقري ذكره في نحو من أربعين موضعاً من نفح الطيب ولم يفرد له على ذلك ترجمة، وكذلك كثيراً ما ينقل عنه ابن خلكان وغير ابن خلكان. . . .
ومن غريب الأمر في هذا الباب، ومن سوء حظ هذا الأديب، بل من تخبط الناس في أمره، أنك ترى النسخ المخطوطة للذخيرة في دار الكتب سواء أكانت المكتوبة بخط مغربي أم المنقولة عنها بخط مصري قد غُمَّ على نساخها وشبه لهم، واختلط الليل بالنهار، فظنوا أن صاحب الذخيرة هو ابن بسام المعروف بالبَسَّامي الشاعر الهجاء البغدادي المتوفى سنة ثلاث وثلثمائة، ونقلوا ترجمة هذا الشاعر من ابن خلكان كما هي وألصقوها بصاحب الذخيرة، وصدق فيهم بهذا التخبط الغريب قول عمر ابن أبي ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عْمرَكَ الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقال يمان
واقْعَدُ من هذا في باب التخبط والتخليط أن خطبة الذخيرة الحقيقية كما سيمر بك. . وقد مر