نعى يوم الثلاثاء الماضي الأستاذ الشيخ احمد الإسكندري بك، وكان وقع نعيه أليماً، فالفقيد أستاذ جليل من المثقفين والمتعلمين، وكان لا يزال كثير النشاط، متوفراً على البحث والدرس، وآخر مواقفه المشهودة تمثيله لمجمع اللغة العربية الملكي في المؤتمر الطبي العربي في بغداد حيث أعلى صوت مصر ورفع كلمتها
تخرج الفقيد في دار العلوم سنة ١٨٩٨، واشتغل بالتدريس في المدارس الأميرية حتى عين أستاذاً للأدب العربي في دار العلوم سنة ١٩٠٧، وفي سنة ١٩١١ انتدبته وزارة المعارف للسفر إلى مؤتمر المستشرقين
وفي سنة ١٩٣٤ استدعته الجامعة المصرية لتدريس الأدب العربي بكلية الآداب. ثم اختير عضواً في المكتب الفني بوزارة المعارف. وكان عضواً في مجمع اللغة العربية الملكي منذ نشأته. وفي فبراير الماضي اختير عضواً في المجلس الأعلى لدار الكتب
ولم يكن الفقيد إبان اشتغاله بالتدريس بالمدرس الذي يحصر جهده في دائرة المدرسة، وإنما دأب - حياته - على دراسة اللغة العربية وآدابها، وكان أثره بارزاً في توجيه الدراسات العربية توجيهاً حديثاً، فهو مؤلف كتاب (الأدب العربي في العصر العباسي، وكتاب (الوسيط) الذي اتخذه كثير من المؤلفين في تاريخ أدب اللغة العربية مرجعاً ومنهجاً، فكان بمثابة الأصل الذي قام عليه كثير من الكتابات في الآداب العربية. وهو أول المؤلفين الحديثين في فقه اللغة ودراسة اللهجات، وأول من قام بتدريس فقه اللغة في دار العلوم
ولجهود الفقيد في الدراسات الأدبية واللغوية أخذ مكانة ممتازة بين العلماء وأفسحت له الأوساط العلمية صدرها فكان فيها السبّاق. وهو آخر طبقة جليلة من الأعلام الذين أنجبتهم دار العلوم مثل المهدي والخضري وحنفي ناصف، فكان لهم في الدراسات العربية أثر خالد
ومما يذكر أن كثيراً من جهود الأستاذ السكندري في دراسة اللغة العربية قام عليها نتاج مجمع اللغة العربية، فمحاضر الجلسات وصحيفة المجمع زاخرة بآثاره ودالة على وفرة علمه