كانت إحدى ليالي الشتاء الطويلة. . . وقد تراجعت فلول الظلام كسيرة، وأقبلت طلائع الفجر الباسم. . . حين ألتف المدعوون إلى مأدبة نلروموف - الملازم في فرقة الحرس - حول مائدة القمار يلعبون الورق ويتبادلون شتى الأحاديث، فقال المضيف وهو يعطي ورقة اللعب لأحد مدعويه:
- كيف حالك هذا المساء يا سورين؟
فرد هذا:(لقد خسرت كالعادة منذ بدأ الحظ يدبر عني، ولكن. . . ماذا ترون في (هرمان) الذي لم يشترك معنا قط في اللعب؟ حقاً، إن أمره لعجيب، فهو يسهر معنا طوال الليل يرقب عجلة الحظ تدور وتدور بيننا مع أنه ما من داع يدفعه إلى ذلك). وهنا تدخل هرمان في الحديث فقال:(الأمر بسيط أيها السادة فاللعبة تعجبني، ولكني لا أود المغامرة في سبيل الكسب، فقد أخسر بعض مالي). وأردف شخص ثالث:
- لا تعجبوا! فهرمان ألماني وقومه معروفون بالميل إلى الاقتصاد، ولكن. . . ألم تلحظوا أن الكونتس أنافيدروفنا لا تلعب قط. . . هذا هو الذي يستحق دهشتنا حقاً، فإن عجوزاً في الثمانين لا تلمس الورق لهي شاذة بالتأكيد.
ثم أطرق تومسكي - وكان هو المتحدث - قليلاً وأستطرد:(ألم تدركوا السبب؟) فأجاب اثنان بصوت واحد:
- كلا، فهل هناك سبب خاص يدعوها لذلك؟
فرد تومسكي بقوله: نعم. . . فأصغوا إلي:
منذ نحو ستين عاماً كانت جدتي (الكونتس أنافيدروفنا) معبودة باريس وموضع إعجاب قاطنيها، حتى أطلق عليها لقب (فينوس الروسية) فأخذ ريشيليو يتودد إليها، ولما يأس من