أشرنا في الفصل السابق إلى أن فلسفة الخاصة لم تتأثر ألبته بأفكار العامة ولم تحمل أي طابع من طوابع العقلية الشعبية ونجزم هنا بأن عكس ذلك هو الذي وقع أي أن العامة هي التي تأثرت بفلسفة الخاصة، ولكنه تأثر أخلاقي فحسب، وإنما نقول فحسب، لأن فلسفة الخاصة النظرية ليس لها على عقيدة العامة إلا آثار طفيفة لا تكاد تذكر، فبينما نرى فلسفة الخاصة تعجز عن رفع الجماهير إلى الإيمان بـ (شابخ - تي) وهو السلطان الأعلى نشاهد فلسفتها العملية تسود الشعب كله خاصة وعامة، بل وتلون عقيدة الجمهور بذلك اللون الأخلاقي الراقي
نحن نعلم أن الصينيين كانوا يرون أن السماء كائن متحرك تبعاً لقانون منظم، وهذا القانون يربط القوى الثلاث: السماء والأرض والإنسان ربطاً محكماً، وإن كان لكل واحدة من هذه القوى في الظاهر طريق خاص أو غاية مقصود تحقيقها. فغاية السماء تسمى:(تيان تاو). وغاية الأرض تسمى:(توتاو). وغاية الإنسان تسمى:(جين تاو) إلا أن هذه الغايات ليست في الحقيقة إلا غاية واحدة، وهي غاية العالم أو قانون الطبيعة أو واجب الموجودات
لهذا الارتباط المحكم بين تلك الغايات الثلاث أثره العميق في كل شيء، إذ لا يكاد اضطراب بسيط يحدث في أحدها حتى يتردد صداه في جميع جزئيات الآخرين، فمثلا إذا حاد الإنسان عن الطريق السوي، فاقترف جريمة من الجرائم حدث في الحال اضطراب في السماء والأرض، وليس الكسوف والخسوف والزلازل وظهور الكواكب ذوات الأذناب