ينتمي الإنسان الحديث إلى إحدى طوائف ثلاث: فهو إما رجعي يخشى جسمه ولا يعرف بوجوده بحجة أن تفكيره كله مركز في الحياة الروحية دون غيرها، وهو لذلك يحارب كل ما يمت إلى الجنس بصلة وينكر على نفسه كل رغبة جنسية مهما كان مصدرها أو موضوعها. وقلما ينجو أمثال هذا الشخص من غضب جسمه عليه في آخر الأمر ومن ضربته القاضية التي يكيلها له دون ما هوادة أو رحمة. وليس أدل على هذا من الأخبار التي كثيراً ما نسمعها عن أساتذة كبار أو قساوسة نيَّفوا على الستين مع فتيات قاصرات ممن يتعلمن في مدارسهم أو يقصدن كنائسهم. وليس أمر هؤلاء بالمحير ولا تعليل ما فعلوا بالمعجز، فهم تنكروا لأجسامهم وكبتوا رغباتها، فكانت نتيجة ذلك أن اعتل تفكيرهم واختل ميزان عقلهم، فأتوا من الأعمال مالا ينطق على العقل في شيء
وهناك رجل آخر هو على النقيض من الرجل الأول، أرخى لجسمه العنان وعاش من أجل متعة جسده لا غير. فهو يرى في جسمه وسيلة إلى اللذة فأسرف في الانغماس فيها، لا فرق عنده بينها وبين أن يتناول كأساً من الكوكتيل أو غيره مما يشتهيه الجسد ويتلذذ به
وأخيراً يأتي النوع الثالث من الرجال وهم للأسف كثيرو العدد. ويمتاز هذا الرجل بعقل قذر لا يغذيه إلا كل قذر. فهو رجل يغرم بقراءة الكتب التي تبحث في العلاقة الجنسية، ولكن رائده في ذلك ليس تفهم فلسفتها أو الإفادة مما جاء بها، وإنما رائده التفتيش عن كل بذئ خارج، لأنه يجد في قراءته لذة لا تعدلها لذة أخرى. ونجد هذا الشخص ميالاً إلى الاستماع إلى القصص التي تعالج هذا الموضوع وكذا النكات والفكاهات فكأنهم يجعلون من أساس حياتهم وعمادها موضوعاً للهزل واللعب. وهؤلاء وأمثالهم يربأ لورنس أن يكونوا من قراء كتبه
ومن غريب الأمر أن يتكلم هؤلاء الطوائف عن لورنس ككاتب إباحي مفحش في القول، لا