للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

فينوس برانيزا

للكاتب الفرنسي جي دي موباسان

بقلم الأستاذ مناور عويس

لم يكن أحد في (برانيزا) كلها يجهل ذلك التلمودي. ولم يكن مرد تلك الشهرة الواسعة إلى حكمته وخوفه الله فحسب. بل كان لجمال امرأته نصيب كبير في تلك الشهرة إذ كانوا يلقبونها (فينوس برانيزا) وقد نالت هذا اللقب عن جدارة واستحقاق، فهي فضلا عن جمالها الباهر زوجة بحاثة في التلمود.

وزوجات الفلاسفة اليهود غالبا ما يكن دميمات أو ذوات عاهات جسدية. وكتاب التلمود يشرح تلك الظاهرة ويفسرها بما يأتي: (إن عقود الزواج تعقد في السماء، وحين ولادة مولود جديد يعلن صوت سماوي أسم زوجة ذلك المولود - أي زوجة المستقبل؛ وكما أن الأب الطيب يدع أدوات منزله الثمينة ولا يستعمل إلا الأدوات القديمة مع أولاده، فهكذا ينعم الله على الرجال التلمود بنساء لم يأبه لهن الرجال الآخرون!

ولعل الله أراد أن يبدل من هذه القاعدة ويخفف من وطاتها، ليثبتها، فاختار لصاحبنا التلمودي (فينوسا) فيها من الجمال ما يزيد في فخر العروس ويرفع من قيمة تمثال قائم على قاعدة في متحف. . . . كانت طويلة القامة، ممشوقة القد، جذابة الملامح، يقوم على كتفيها راس بديع رائع، وتتدلى على ظهرها ضفيرتان نجلاوان. . . ويداها. . كأنهما قطعتان من العاج!. .

وكأنما خلقت لتكون ذات سلطان لها رعاياها وعبيدها يسجدون عند قديمها، أو لتشغل ريشة فنان أو لتحرك قلم شاعر!.

لكنها عاشت عيشة زهرة جميلة نادرة في بيت خانق حار.

زد على ذلك أنها كانت تجلس معظم نهارها ملتحفة فروها الثمين تراقب الشارع من نافذتها.

لم يكن هنالك أبناء. . . . وكان زوجها الفيلسوف يجلس مصليا أو مطالعا من الصباح

<<  <  ج:
ص:  >  >>