وصل الفائت: ترك باستور مدبغة أبيه وذهب إلى باريس. فتلقى على الكيميائي العظيم (دوماس). وبعدئذ أتم أبحاثه في حامض الدردى. وبينما هو كذلك أكتشف (كنيارد دي لاتور) أن الخمائر بالبيرة المختمرة تتكاثر فتحيل الشعير بذلك إلى كحول. وتعين بستور أستاذا بجامعة (ليل) وتزوج ابنة عميدها فسهرت إلى جانبه. وأجرى كثيرا من التجارب الجامحة واخفق فيها.
وتعين (بستور) عميدا لكلية العلوم بجامعة (ليل) فسكن واستقر في (شارع الأزهار. وهنا اتصل عفوا ولأول مرة بالمكروبات. وفي هذه المدينة الأصيلة، مدينة المقطرين للخمور، مدينة زراع البنجر وتجار الآلات الزراعية، قام (بستور) بحملة قوية، بعضها علمي، وبعضها قصصي روائي، وبعضها ديني، وبعضها سياسي، ليضع المكروب في موضعه اللائق من اهتمام الناس ورعايتهم. نعم في هذه المدينة ذات الخطر اليسير والجمال القليل، في هذه المدينة التي لم تشتهر قط بالعلم، أثار بستور زوبعة هائلة نالت سفائن العلم فظلت تؤرجحها ثلاثين عاما. أبان بستور للدنيا خطر المكروب فأوجست منه خيفة، وخلق لنفسه في سبيل ذلك أعداء ألداء، وخلق لها أحبابا خلصاء، وملأ أسمه صفحات الجرائد الأولى. وطلبه خصوم للمبارزة. وضحك الجمهور بادئ بدء من مكروباته الغالية، وقصف بالنكات عليها، بينما كانت كشوفه تنجي حياة العديد من النفساء. واختصارا في هذه المدينة المتواضعة، ومن فوق أرضها شال الشولة الأولى إلى فردوس الخالدين
جاء بستور إلى مدينة (استراسبورج) فحاورته الحقائق فيها واختلطت عليه، ثم جاء إلى مدينة (ليل) فجاءه المجد يسعى، وذلك بإسدائه المعونة إلى. . . خمار!
جاء إلى (ليل) فقال له الرجال ذو المال، وأرباب النفوذ من ذوي الأعمال: (إن العلم جميل