في أرستقراطيته، ولكن الذي نريده، والذي تريده المدينة الناهضة، هو التعاون بين علمك وصناعتنا. نريد أ، نعلم هل يزيد العلم في مكاسبنا. زد يا هذا في الحقل مقدار السكر في بنجرنا، وزد في المصنع مقدار الكحول المتقطر من سكرنا، ندر عليك الخيرات، ونتولى معاملك بالرعايات)
سمع بستور ما سمع في أدب واحتشام، ثم أخذ يريهم كيف يستجيب العلم إذا دعاه الداعي. فإنه لم يكن رجل علم فحسب، بل كان رجلا خبيرا بأمور دنياه وسنن العيش فيها. تصور جماعة من أرباب الأعمال يأنون (نيوتن) فيسألونه ماذا تستفيد مصانعهم من قوانين حركته، إذن لرفع يديه إلى السماء واستعاذ منهم بالله، ولذهب من بعد ذلك إلى إنجيله يقرأ كتاب دنيال ويدرس ما فيه من نبوءات. ولو أنهم جاءوا فراداي إذن لآثر صناعته الأولى، وعاد إلى تجليد الكتب وحزم الأوراق. ولكن بستور كان من أبناء القرن التاسع عشر، يعرف حق المعرفة أن العلم لا بد أن يكسب خبز يومه إذا أراد الحياة. لذلك بدأ يحاضر أهل االبلد فيه، ويدبر لهم المحاضرات الشيقة ليخطب ودهم ويكسب عطفهم
وفي ذات مساء كان يخطب في جمع من أرباب المصانع وأزواجهم، فصاح فيهم:(من من أبنائكم لا ينهض للعلم توا، من من أولادكم لا يتحرق للعلم تحرقا، إذا أنا وضعت في يده بطاطة، وقلت له: إنك تستطيع أن تخرج من هذه البطاطة سكرا، وتستطيع أن تخرج من هذا السكر كحولا، وتستطيع أن تخرج من هذا الكحول خلا وأثيرا؟). ومضت على هذا أيام، فجاءه أحد الذين حضروا وخطابه، وكان رجلا يدعى (بيجو)، وكانت صناعته تقطير الكحول من سكر البنجر المختمر؛ جاء يتوسل للأستاذ:(سيدي، أنا في حرج من صناعتي، فاحتمار البنجر لا يتم على وجهه، وخسارتي تبلغ ألوف الفرنكات في اليوم، فبودي لو جئت مصنعي، ونظرت في معونتي، فأنقذتني من خبلتي)
وكان ابن (بيجو) طالبا في قسم العلوم بالكلية، فأسرع (بستور) إلى معونة أبيه. فذهب إلى مصنع التقطير، وأخذ يتشمم في الحواض المريضة، تلك الأحواض التي تأبى أن تخرج من البنجر كحولا؛ وانكب عليها، واغترف منها، فكان شيئا مختلطا أدكن هلاميا، فوضعه في قارورات وحمله إلى معمله. ولم يفته أن يغترف كذلك من لبابة البنجر من الأحواض الصحيحة السليمة المختمرة الراغية بما تنتج من كحول كثير. ولم يكن يدري كيف يختمر