منظر لن أنساه - شعراء مبدعون - فكاهة عراقية - الحرية
- شيطنة مصرية - مسابقة الأدب العربي لطلبة السنة
التوجيهية
منظر لن أنساه
في صباح يوم الجمعة الماضي توجهت مبكراً إلى سنتريس. فلما وصلت السيارة إلى القناطر الخيرية هالني أن أرى جماهير كثيرة معوّقة عن المسير. ونظرت فرأيت (هَوِيس الرياح التوفيقي) مفتوحاً، وهي فرصة يومية لمرور السفائن إلى الشمال وإلى الجنوب
ونزلت إلى الشط للتفرج فرأيت ثلاث سفن يصدها التيار عن دخول الهويس صد بلغ الغاية من العنف، فقدرّت أننا سنعوّق عن المسير زمناً غير قليل. عند ذلك بدا لي أن أرجو أحد الملاحظين إنزال الجسر الخشبي لحظات إلى أن يستطيع البحارة تسديد هذه السفن الثلاث، وفي هذا إنقاذ للمسافرين من الانتظار، ولأكثرهم شواغل تستوجب الاستعجال. فأجاب الملاحظ بأن الجسر يُفتح نصف ساعة لمرور السفن بأمر وزارة الأشغال، وقد بقى من الوقت عشر دقائق، فإن عجز هؤلاء البحارة عن تسيير هذه السفن قبل انقضاء الوقت المحدد فسيُرد الجسر ويمر الطريق، ولا يظفرون بغير الانتظار المملول!
فرجعت إلى الشط مرة ثانية لأشهد أعظم معركة معاشية رأتها عيناي
ما كان أولئك البحارة ناساً، وإنما كانوا من مردة الجن!
لم يكن بدٌّ من مصارعة تيار عنيف عنيف، تيار يُسمع هديره من مسافات ويُنذر من يصاوله بأفدح الخطوب
كانت المقاذيف بأيدي الملاحين، كالسيوف بأيدي المحاربين، وكانت القلوع تُطوى وتُنشر في اللحظة القصيرة مرات في اتجاهات مختلفات، وكانت الحبال تُرمى هنا وهناك فيتلقفها المتلقفون بأمضى وأسرع من نظرة البرق اللماح
وعلى الشط وقف أشخاص يصيحون صيحات الإرشاد والتوجيه بنبرات تقرُب من