قرأت ما كتبه الأستاذ محمد أحمد الغمراوي تحت هذا العنوان في مجلة الرسالة الغراء عدد (٣٠٠) فعجبت لأنه ينسب إلي خطأ أعجب من خطأ الأستاذ زكي مبارك فيما رددت به عليه في العدد ٢٩٨ وهذا لأني بحثت فيما أخذه عليّ فلم أجد فيه ما يصح أن يكون خطأ، أو أن يشغل وقته الثمين بالرد عليه. ولقد قرأ كلمتي كثير من علماء الأزهر وطلابه، فسروا بها سروراً عظيماً، وبلغ من سرور بعضهم أن سعى إليّ فأخبرني بأنه كان في نفسه شيء من مقال معروف لي، فذهبت هذه الكلمة بما في نفسه، وأظهر لي من السرور بكلمتي ما أظهر
أما الذي أخذه الأستاذ الغمراوي عليّ فهو تكلف لم يكن هناك داع إليه، لأني إذا كنت أطلقت في أمور الدنيا التي قلت إنه لم يكن للوحي شأن بها، فقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضاً حين قال:(أنتم أعلم بأمور دنياكم) ولا شيء في هذا الإطلاق، لأن كل شخص درس دين الإسلام، يعرف أن المراد بأمور الدنيا في ذلك هي ما يعرفه الناس بالتجربة من نحو حرث وزرع وسقي وصناعة وتجارة، وما إلى ذلك من كل ما لم يأت الدين ليعلمهم إياه. وأما غير ذلك من أمور الدنيا مما يدخل في قسم المعاملات، كالبيع والنكاح والطلاق، فهو من أمور الدين، كما هو من أمور الدنيا، وشأنه في ذلك شأن العبادات سواء بسواء، وقد عنيت كتب الفقه الإسلامي ببحث القسمين حتى صارا في نظر المسلمين جميعاً كشيء واحد، ولهذا فهم كل من سر بكلمتي أن القسم الثاني من أمور الدنيا داخل في أمور الدين التي ذكرت اختلاف العلماء في جواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وكذلك وجوب تنبيهه صلى الله عليه وسلم بالوحي إذا أخطأ أمر مقرر في كتب الأصول، وهي في متناول أيدي الناس والسلام ورحمة الله على الأستاذ.
عبد المتعال الصعيدي
للبستي لا لأبي تمام
عزا الأديب الكبير الأستاذ عبد الرحمن شكري في مقالته (أبو تمام شيخ البيان) في الجزء