لا محبذ للباحث في شؤون سياسة البلاد العربية التي قسمتها معاهدة سايكس ـ بيكو إلى مناطق نفوذ، وصيرت في تلك المناطق دويلات تنقصها أكثر المرافق الطبيعية، والخصائص الضرورية لقيام الدولة، أقول لامناص له من الإطلاع على أغراض الدول الكبرى صاحبات الأطماع الاستعمارية والأغراض المتشابكة المتضاربة، خصوصا أغراض الدولة البريطانية صاحبة النفوذ والسيطرة على هذا الشرق المبتلى بها. ولابد له أيضا من الاسترشاد بالخطط التي وضعها أقطاب الاستعمار، والاستئناس بالرأي الصحيح الذي بسطه ويبسطه ساسة العالم سواء في مؤلفاتهم أو في مذكراتهم، وهي معروضة في المكاتب وفي متناول يد الكاتب والباحث والطلعة والمتطفل، ولأن من أوائل أغراض المستعمر إيقاف السواد الأعظم من المتعلمين من أبناء البلاد على نياتهم ومقاصدهم التي هي كالبلاء النازل الذي لا مفر منه، والقضاء المحتوم الذي لا مرد له، ولأن من أوجب واجبات الكتاب ومن إليهم من قادة الفكر والساسة المحترفين إيقاف الشعب على ما يحيط به من أمور وما يدبر له من شؤون، أما سياسة إهمال الشعب وخداعه وتضليله وتخدير أعصابه فهي سياسة ضارة بليغة الضرر، سيئة العواقب. وإن من أوائل ما يجب معرفته الآن، الآن فقط هو ما يأتي.
١ - أن الخطة التي رسمتها أطماع الإنجليز، بعد إجلائهم الفرنسيين عن سورية ولبنان، والتي صيرت سورية ولبنان والعراق وشرق الأردن ودولة إسرائيل في أوضاعها الحالية، لم يبق على تنفيذها لتكون تامة كاملة سوى اعتراف الدول رسميا بدولة إسرائيل.
٢ - أن الخطة الجديدة التي يضطلع بتنفيذها الجنرال كلايتون، مازالت في دور المناورات، وستبقى تدور في محيط المحاولات حتى تزول الحوائل العسيرة التي تحول دون تنفيذها فورا.